يوم الخميس الماضي 17/7/2008 انتقل أحد أقربائي إلى رحمة الله ... فكان من الطبيعي أن نبدأ في إجراءات تجهيز قبر للمتوفى...لان هذا يستغرق وقتا لا بأس فيه و من ثم تبدأ الإجراءات الأخرى.
أرسلنا وفدا للمقبرة الشرقية في غزة (مقبرة الشهداء)... وهي المقبرة الرئيسية في مدينة غزة..لعمل اللازم ..و بعد ساعة تحدث إلينا الوفد من المقبرة ليخبرنا أن المسئول هناك يحتاج إلى تنكة سولار للجرافة التي ستحفر القبر ( من السوق السوداء ) ...كما أنه يجب علينا إحضار 92 حجر بلوك لبناء القبر و 4 بلاطات من الخرسانة لتغطية القبر ( من السوق السوداء , ان وجدت!!)... بالطبع ليس بمقدورنا احضار سولار ...و لا بلوك و لا بلاطات ...بالسرعة المطلوبة لاتمام العمل قبل صلاة الظهر ! فما العمل؟؟ طلبنا من الوفد التوجه إلى مقبرة الشيخ رضوان المزدحمة جدا بالأموات وهنالك كان الفرج...حيث وجد لنا المسئول هناك مكانا ملاصقا لأحد المباني المجاورة للمقبرة ...و بدأ العمل في تجهيز القبر فحمدنا الله .
في الماضي و قبل بدء الحصار ...كانت وزارة الأوقاف مسئولة عن حفر بناء القبور ...بحيث كان هنالك قبور جاهزة دوما يقوم أهل المتوفى بدفع الرسوم المطلوبة و التي كانت في حينه 100 دينار.
بعد الحصار لم يعد هناك اسمنت أو حديد أو سولار !! بالكميات المطلوبة للقطاع...مما خلق أزمة في كل شيء...وخلق سوقا سوداء في كل ما يخطر على بال بشر ...حتى في عملية دفن الموتى !!! بل إن هنالك حوادث سرقة ...سرقت فيها قبور ...و دفن فيها أشخاص غرباء.. ..فوق أموات آخرين ...
و الآن ...و بعد بدء التهدئة في 19/6/2008...بدأت كميات قليلة جدا من الاسمنت تدخل القطاع ..حتى وان كانت تلك الكميات لا تتجاوز 15% من الكميات التي كانت تدخل سابقا .. إلا أن هناك كميات من الاسمنت تقدر بحوالي 200 طن تدخل في الأيام التي يتم فتح المعابر بها.
و هنا أتساءل...لماذا يستمر عذاب المواطنين حتى في دفن موتاهم ؟؟
لماذا لا تقوم وزارة الأوقاف و المسئولين في الوزارة في الحكومة المقالة في غزة بتخصيص كمية من الاسمنت و الحديد بغرض تجهيز عدد من القبور في المقبرة المركزية (مقبرة الشهداء) كما كان يتم في السابق ..لاسيما و أن تكاليف أعمال الحفر و البناء يتم استيفاؤها من المواطنين عند دفن موتاهم !!!
المواطن في غزة ... لم يلمس حتى الآن ..أي تغيير في عملية إدخال المواد إلى القطاع ...فالمصانع مازالت مغلقة ...و السوق السوداء مازالت مزدهرة في الوقود و الكساء و الغداء و الشراب ( مع ملاحظة عدم وجود مياه معدنية في القطاع !!!) ...و في كل شيء.
فلنعمل على الأقل على تسهيل عملية دفن موتانا لان إكرام الميت دفنه ...و ليس تركه في ثلاجة الموتى أو في بيته و أهله حائرون أين سيدفنوه و كيف؟؟؟
و الله من وراء القصد
غزة