فلسطينية العينين والوشم
فلسطينية الاسم
فلسطينية الأحلام والهم
فلسطينية المنديل والقدمين والجسم
فلسطينية الكلمات والصمت
فلسطينية الصوت
فلسطينية الميلاد والموت
رأيتك عند باب الكهف.. عند الغار
مُعَلقَة على حبل الغسيل ثيابَ أيتامك
رأيتك في المواقد.. في الشوارع
في الزرائب في دم الشمس
رأيتك في أغاني اليتم والبؤس
رأيتك ملء ملح البحر والرمل
وكنت جميلة كالأرض.. كالأطفال.. كالفل
وأقسم..
من رموش العين سوف أخيط منديلا
وأنقش فوقه شِعْرا لعينيك
راسما حين أسقيه فؤادا ذاب ترتيلا
يمد عرائس الأيك
سأكتب جملة أحلى من الشهداء والقبلْ
فلسطينية كانت ولم تزلْ
فحبيبة الشاعر هنا هي الوطن، فانظر كيف تحدث بعفوية بالغة عن اليتم والبؤس والأرملة، والزرائب وحبل الغسيل والبيت الذي يشبه الكهف؛ حديث تلقائي عفوي غير متكلف؛ لأن الحبيب دائما يملك لب حبيبه وقلبه.
أما أنت فدرت حول الكلام، وتكلفت حتى ضاع المعنى، لكن درويش تحول إلى ثائر عندما وعد محبوبته فأقسم أن تظل محبوبته (فلسطين) باقية رغم ما يحاك لمحوها من الجغرافيا والتاريخ معا.
وأخذ الخيط منه الشاعر "محمد جعفر" فكتب قصيدته "فلسطينية العينين"...
وعلى هذا النهج أيضا كتب الشاعر المُجِيد صالح فروانة قصيدة "حبيبتي منذ الأزل" والتي يفتتحها بقوله:
حبيبتي تَشَكلَتْ
بحُلوِهَا ومُرهَا
كما أريد أن تكون
...
شُرُفَاتُها تَرْوي حكاية السنين
وتنتظرْ
عسى حبيبُها يَؤوب
فتفرشُ الشطآنَ بالحنينْ
والأرضَ بالقبلْ
فإذا أردت أن تستمر على نهج قصيدتك هذه.. فاسلك درب هؤلاء،
والمطلوب عدم التكلف عند الحديث عن الحبيب، والثورة عند الوعد؛ لأن
حبيبتك أسيرة وفي محنة قاسية، فمنطقي ألا تهدي لها وردة، وألا تقول لها
من بعيد: أحبك، ولكن قمة حبك لها تقتضي الوعد والقسم أنك ستحررها
وستبذل روحك ومالك في سبيل ذلك.
وهناك درب آخر أود أن يسير الشباب فيه، هو نهج الشاعر الفلسطيني
الكبير المرحوم إبراهيم طوقان، ومن بعده تلميذه الشاعر الفلسطيني الشهيد
عبد الرحيم محمود -الذي ربما لا يعرفه الشباب، ولا يعرفون أنه قتل
شهيدا في معارك عام 1948م وهو في الخامسة والثلاثين من عمره،
وكان قد شارك في نضال عام 1936م ضد اليهود والإنجليز، كما اشترك
مع العراقيين في ثورة رشيد عالي الكيلاني عام 1941م- صاحب أشهر
أبيات النضال في العصر الحديث:
سأحمل روحي على راحتي
|
| وألقي بها في مهاوي الردى
|
فإما حياة تسر الصديق
|
| وإما ممات يغيظ العدا
|
ونفس الشريف لها غايتان
|
| ورود المنايا ونيل المنى
|
شاب يموت شهيدا في الخامسة والثلاثين من عمره بعد أن قضى اثني
عشر عاما من النضال الرهيب ضد أعداء الأمة في فلسطين والعراق..
وما زال شبابنا يكتبون كلاما باهتا عن حب فلسطين.
وعلى نفس الدرب سار الشهيد الدكتور عبد العزيز الرنتيسي في قصيدته
"قم للوطن"، ومطلعها:
قم للوطن وادفع دماكَ له ثمن
|
| واطرح بعيدا كل أسباب الوهنْ
|
فالموت أهون من غبار مذلة
|
| فلرب ذل دام ما بقي الزمنْ
|
ثم يقول:
من ينقذ المسرى ويمسح همه
|
| أسد الشرى أم صب خضراء الدمنْ
|
ثم يقول:
إن جردت أسد الكتائب سيفها
|
| سَهْل البلاد وغورها أبدا يُصَنْ
|
أما إذا صار التخاذل شرعة
|
| كلا وربك لا يقوم لنا وطنْ
|