بوكر توف....... ماشلومخا؟؟
توف... تودا لأيل....
أصبحت الكثير مثل هذه المصطلحات من اللغة العبرية متداولة على ألسنة الشباب الفلسطينيخلال الحديث اليومي الذي يتبادلونه سويا ، وبتنا نسمع الكلمات العبرية الدخيلة تُعبر عن ما يقوله هذا الشاب أو ذاك إن لم تكن تطغى على الحديث كله ، خاصة أولئك الذين يترددون على الحواجز العسكرية الإسرائيلية للتنقل من مدينة أو قرية إلى أخرى ، بحيث باتت مصدر فخر لمن يجيد استعمالها .
ومن خلال رصدنا للشارع الفلسطيني عن قرب وجدنا أن هذه الظاهرة تزايدت في الآونة الأخيرة بتأثير من الانتفاضة التي علمتنا دروسا في الحياة ، ومنها دروس في اللغة العبرية ،فهي لغة جنود الاحتلال ، وعلى من لا يتقنها أن يبحث عن بديل للاتصال بهم عند الحاجة لذلك ، فهل من الضروري تعلم لغة العدو ؟
العبرية بين الضرورة والهوس
يبدو أن الشباب الفلسطيني يحبون اللغة العبرية ويفضلون تعلمها أكثر من أي لغة أخرى ، فمن وجهة نظر يامن النوباني (21 عاما) طالب الصحافة في جامعة النجاح الوطنية ، يرى أن اللغة العبرية مهمة بالنسبة له كمواطن فلسطيني بالدرجة الأولى ، وكطالب يعيش في قرية ويمر عن الحواجز يوميا ، يقول : " تعلمت اللغة العبرية منذ ثلاث سنوات وساعدني في تعلمها ابن عمي الذي يعمل في إسرائيل ، وعندما التحقت بالجامعة قمت بأخذ مساق " مدخل في اللغة العبرية " كمتطلب اختياري ، فأنا أحب هذه اللغة لأنها لغة جميلة ، وضرورية لي كوني استخدمها على الحواجز العسكرية للتفاهم مع الجنود، ومفيدة على مستوى العمل خاصة في مجال الصحافة ، فمن الجميل أن أتعلم لغات أخرى إلى جانب العربية ، واستخدمها أيضا في المزح مع أصحابي كنوع من التغير، وارى أن مصطلحات اللغة العبرية أجمل وأمتع من مصطلحات اللغة العربية ".
ويضيف : " أنا أشجع كل طالب تعلم هذه اللغة خصوصا أنها قريبة من اللغة العربية وسهلة النطق ، وأؤيد أن يستخدمها الشباب في الحديث اليومي ، فلا يوجد خطأ في ذلك إذا كان الإنسان يتقن التحدث بها ،لكن المأساة في الشباب الذين يعرفون مصطلح أو اثنين ويقومون بترديدها في كل حديث ومع كل الأشخاص ، وربما يستخدمون هذه المصطلحات في المكان الخطأ ، وأنا شخصيا أعاني من بعض الأصدقاء الذين يعرفون القليل من العبرية ويضجرونني بترديدها ".
ويؤيد محمد قاسم (20 عتما ) من قرية عصيرة الشمالية قضاء نابلس ، فكرة تعلم اللغة العبرية خاصة للذين يعملون في إسرائيل ، لتسهيل عملهم هناك على أن يقتصر استخدامها داخل إسرائيل فقط ، مشيرا إلى أن إبراز الذات أمام الآخرين هو السبب الرئيسي في لاستخدامها لدى العديد من الشباب .
ويضيف :" اللغة العربية تتعرض لهجمة واسعة ، فقد أصبحنا نستخدم العامية ممزوجة ببعض المصطلحات العبرية في الحياة اليومية بدلا من اللغة الفصيحة ".
ويقول محمود حجاب (22 عاما ) من قرية مردة لشبكة اخباريات ، " أنه بالرغم من أن اللغة العبرية هي لغة العدو الذي نعاني منه اشد المعاناة ، إلا إنها مهمة جدا للشعب الفلسطيني ، فهي تعمل على تقريب وجهات النظر بين الإطراف ، وتعتبر وسيلة للتفاهم ومعرفة أفكار الأخر ".
ويشجع علي حماد (23 عاما ) من نابلس والذي يعمل داخل الخط الأخضر كل شاب فلسطيني على تعلم اللغة العبرية ، وضرورة تدريسها في الجامعات الفلسطينية ، تماما كما تدرس الجامعات الإسرائيلية مساقات في اللغة العربية ، لتكتشف بها العقلية العربية وتضع الفكر العربي تحت سيطرتها .
قمة السخافة
يعتبر الدكتور أيمن المصري المحاضر في قسم الصحافة في جامعة النجاح الوطنية خلال مقابلة معه لشبكة اخباريات ، أن تطعيم بعض الشباب للغة العربية بمفردات عبرية قمة السخافة . ويضيف : " أنا لا اعترض على تعلم اللغة العبرية ، لان تعلم أي لغة مكسب بحد ذاته للفرد ، ولكن المشكلة متى وكيف نستخدم هذه اللغة بحيث تكون مفيدة لنا .
ويتابع :" للأسف أن الشباب الفلسطيني يخزن في ذهنه عدة مفردات عبرية ، ويدخلونها في حديثهم اليومي كنوع من " المباهاة " السخيفة ،في الوقت الذي يجب علينا توظيف اللغة العبرية بشكل يخدم قضيتنا الفلسطينية ، وهذا هو المطلوب ، ولا ننسى أن معظم جنود الاحتلال يجيدون التحدث باللغة العربية أو الإنجليزية ، ولكنهم يرفضون الحديث بهما حفاظا على لغتهم ، فلم لا نفعل مثلهم !! " .
من يتعلم اللغة العبرية؟
يرى محمود خروب نائب مدير مركز المعهد التقني العالمي ( U.T.I ) في رام الله ، بأن نسبة الإقبال على تعلم اللغة العبرية بالمراكز المختصة في رام الله تراجعت إلى حد ما خلال انتفاضة الأقصى ، لعدم وجود تواصل مباشر أو احتكاك مستمر بين الفلسطيني والإسرائيلي، ولكن هذا التراجع لا ينفي وجود نقاش دائم بين أوساط الشباب حول ضرورة أو عدم ضرورة تعلم هذه اللغة .
ويضيف :" إن غالبية من يقبلون على هذه اللغة في رام الله هم التجار ومديرو البنوك والشركات ، إضافة إلى المحاسبين ، لأنهم يتعاملون مع الأوراق والمعاملات الرسمية والفواتير التجارية ".
من حفظ لغة قوم أمن شرهم
تختلف الصورة في مدينة نابلس ، التي كانت وما زالت أكثر المدن تأثرا بالاحتلال وحواجزه العسكرية المنتشرة بين قراها ، حيث يشير خالد سويلم أستاذ اللغة العبرية في مركز العلوم والثقافة ، إلى أن هناك إقبالا كبيرا من قبل الشباب على تعلم اللغة العبرية واستخدامها في حياتهم اليومية .
ويضيف : " لأننا نحتاج إلى اللغة العبرية في حياتنا اليومية في عدة مجالات منها الثقافية والتجارية فقد أصبح من الضروري الإلمام بها ، لذلك من خلال تعليمي لها لا أجد أن هناك عمر محدد يقبل على تعلمها والأغلب يتعلمها بدافع عملي .
وينصح سويلم الشباب الفلسطيني بالابتعاد عن السطحية والانتقال في اللغة من مرحلة الهواية إلى مرحلة الإلمام بلغة العدو حتى نعرف كيف يفكر وبالتالي يمكننا التعامل معه بسلاسة .
ويعتبر أن اللغة العبرية ممكن أن تضر بأصالة اللغة العربية إذا حلت كبديل لها ، لذلك يجب التكلم بها عند الضرورة فقط .
أصبح الشباب الفلسطيني يتشبثون باللغة العبرية ويفضلون تعلمها أكثر من أي لغة أخرى لحاجة ما أو كموضة دارجة في تعلم هذه اللغة ، في نفس الوقت الذي يتخرجون به من الجامعات ويدرسون المساقات بالعربية ، وبالرغم من ذلك لا يتقنونها بالشكل المطلوب الذي يساعد على الحفاظ عليها كلغة قومية وأساسية .
وها نحن نصل إلى مرحلة الهوس باللغة العبرية، لذلك يجب أن نفكر إلى ماذا يقودنا هذا الهوس؟ هل يقودنا إلى التخلي عن لغتنا العربيةنتيجة ذلك الغزو للغة العبرية الذي يجتاح قاموسنا العربي؟