لم أتعجب كثيراً عندما قرأت خبر قتل سبعة أشخاص وجرح العشرات في قطاع غزة من جانب مليشيات "حماس" المسلحة هناك. ولم اتعجب عندما قرأت تصريحات شهود عيان لأفراد متعددون عما حدث هناك من على شاكلة: "لقد شاهدت وحشية، شاهدت مسلحين يطلقون النار على الناس، رأيتهم يمسكون بصبي ويضربونه بالعصا"، للمصدر رجاءً إضغط هنا. ولم اتعجب عندما قرأت تبريرات جماعة حماس لهذه الجريمة من على شاكلة: ""فتح مسؤولة عن استمرار التحريض ضد الشرطة الفلسطينية، وكانت هناك محاولة واضحة لإعادة الفوضى". ولم اتعجب عندما قرأت أن سبب هذه المذبحة هو، وببساطة: "أن إطلاق النار بدأ حين قام متظاهرون باتهام أفراد قوات الأمن التابعة لحماس بأنهم عملاء لإيران الشيعية، مرددين كلمة "شيعة"".
هؤلاء، بكل تراث الإخوان المسلمين البوليسي والسري، وبكل تاريخهم الدموي البائس في تصفية مخالفيهم، وبكل كتاباتهم المتجذرة في مؤلفات سيد قطب وجاهلية المجتمع، ما هم في الحقيقة إلا مثالاً مصغراً لكل جماعة أو دولة تريد أن تستغل الدين أو المذهب للوصول إلى سدة الحكم في دولهم. إنهم يسطرون لكم مستقبلكم بمشاهد ترونها على شاشات التلفزيون، وتسمعونها من قنوات المذياع، وتقرأونها في كل وسيلة مقروءة متاحة لكم.
إنظروا حولكم وتفكروا. تفكروا، ولو قليلاً، فيما ترونه حولكم.
هل المملكة العربية السعودية والتي تتفاخر بتطبيق الشريعة الإسلامية مع ما يصاحب نظامها من فضائح على مستويات متعددة، وسرقة أموال الشعب، والسكوت المريب لعلماء وفقهاء السلطة من السلفيين عما يدور حولهم في قمة هرم السلطة، ونوعية معاملة الأقليات، والسجون السياسية، والنظام الداخلي المخابراتي البحت، هو ذلك النظام الذي تريدون أن تعيشوا تحت ظله؟
هل جمهورية ايران الإسلامية والتي تتفاخر بتطبيق الشريعة الإسلامية مع ما يصاحب نظامها من تسلط الملالي على مقدرات الشعب وحرياته، ومبادئ ولاية الفقيه، ومجمع تشخيص مصلحة النظام، والإتهامات المتعددة بالعمالة والخيانة لكل من يشذ أو يخالف رؤية النظام، والسجون السياسية، هو ذلك النظام الذي تريدون أن تعيشوا تحت ظله؟
هل حماس وجرائمها، هل جماعة طالبان وبؤسها، هل المحاكم الصومالية الإسلامية وتخلفها، هل الجماعات الإسلامية الجزائرية السادية الدموية في تفعيل رأيها، هل الجماعات السلفية المنغلقة على نفسها ورأيها من المغرب إلى الفيلبين، هل هؤلاء هم من تريدون أن تعيشوا تحت ظلهم؟
إنظروا حولكم وتفكروا. تفكروا في طُلاّب السلطة عندنا ممن يدّعون الإسلام، بماذا يختلفون عن حماس وفكر الإخوان المسلمين فيما لو وصلوا إلى "رئاسة مجلس الوزراء" كما يحلمون ويخططون له الآن في الحركة الدستورية الإسلامية "حدس" ومن وراءهم جمعية الإصلاح الإجتماعي؟!!
بماذا يختلفون؟!
تفكروا فيما لو وصل سلفي أو شيعي متعصبين لفكرهما ورأيهما، بماذا يختلفان عن أمثلة السعودية أو ايران أو الجزائر أو أفغانستان أو الجماعات الدينية أو المذهبية الأخرى؟!!
بماذا يختلفون؟!
إنهم هم، إنها أساليبهم، إنه ما سوف تقعون تحته، إنه ما سوف تصابون به ولا مغيث، لأنه من صنع أيديكم.
تفكروا، فإنهم والله مشروع ديكتاتوريات يعملون له ليلاً نهاراً ويخدعون الناس بشعارات الإسلام وتطبيق الشريعة. يدغدغون مشاعركم بشعارات لا تحتوي على أية مضمون، وإلا أين هي الشريعة من حماس في غزة؟!!
وهل هذه هي الشريعة كما هي في السعودية أو إيران أو الجزائر أو أفغانستان أو ما ينادي به تلك الجماعات السلفية؟!
إحذروهم....إنهم ديكاتوريات مبطنة وتحت التأسيس