ضحايا الاحتلال.............

قصة يصعب أن تصدق... وربما يصعب على مخرجي هوليود تخيلها...طفل يخرج لزيارة جدته فيجد نفسه ضحية لكمين نصبه جنود الاحتلال لواحد من أهالي بلدة سلواد شرق رام الله بالضفة الغربية... تتحول الأرض من تحته إلى ألغام تتطاير في كل مكان...ويقع في النهاية ضحية أحدها...إنه الطفل محمد راتب أحمد (15 عاما)...الذي عاش أسبوع من العذاب بعد أن أصابه جنود الاحتلال وقاموا باعتقاله.

ليست من نسيج الخيال بل هو نقل للحكاية كاملة كما يرويها بطلها... الطفل أحمد راتب الذي يقول:" خرجت من منزلنا مساء الجمعة الثامن عشر من تشرين ثاني الماضي... لزيارة جدتي التي اعتدت على زيارتها بشكل متكرر بعد وفاة جدي قبل عدة أشهر...كنت أرغب في الاطمئنان عليها بشكل سريع وبعدها أغادر إلى صالون الحلاقة لأقوم بقص شعري".

وقبل وصولي إلى بيت جدتي أطلقت تجاهي رصاصتين لم أعرف مصدرهما أو سبب إطلاقهما، أصبت بحالة من الرعب الشديد... من الارتباك الشديد..لم أدري ما الذي يتوجب علي فعله... وجد نفسي أركض مسرعا بعيدا عن المكان... لأتمكن من إنقاذ نفسي من أي إطلاق لنيران قد أتعرض له مجدد.

عندها وجدت نفسي أقع في حقل من الألغام كتلك التي اعتدت مشاهدتها في التلفاز...يتساقط علي فيه الرصاص من كل جانب...يصطدم بالطريق الترابي الذي أسير فيها فينتج عنه غبار كثيف... شعرت أنني وقعت في كمين ولكن لم أعرف ماذا يحدث بعد... واصلت الركض أملا بالنجاة... عندها شعرت أن تلك الأعيرة النارية بدأت في اختراق معطفي الذي أرتديه الأمر الذي سبب لي مزيدا من الرعب أسقطني أرضا... حاولت النهوض ولكن دون جدوى لم يعد بمقدوري تحريك قدمي اليمنى.

بعد دقيقة واحدة... فوجئت بثمانية من جنود الاحتلال ينزلون من التلة التي تطل على منزل جدتي يركضون تجاهي... زاد هلعي...بدأت أشعر أنني سأفقد وعيي... رويدا رويدا أدركت أنني أصبت في قدمي بواحد من العيارات النارية التي أطلقت تجاهي... شرع أحد الجنود بتمزيق ملابسي بحجة تفتيشي...قام إخراج هاتفي النقال وإبقائه بحوزته... بينما قام اثنين آخرين بجري باتجاه الشارع الالتفافي الذي يسلكوه المستوطنون والقريب من منزل جدتي... لم يسمحوا لسيارة الإسعاف الفلسطينية التي وصلت للمكان بتقديم العلاج لي.

بقيت بضعت دقائق في تلك المنطقة...كان الجنود الثمانية يحيطون بي من كل جانب..وسرعان ما وصلت سيارة الإسعاف الإسرائيلي... فقاموا بوضعي داخلها بشكل عنيف جدا ودون مراعاة إصابتي... وعندها أغمي علي لم أستطع أن أتخيل ما حصل... ظنا مني أنهم قرروا قتلي ولكن في منطقة بعيدة عن القرية.

وبعد أن أفقت وجدت نفسي أرقد في أحد المستشفيات الإسرائيلية...بينما يواصل أولئك الجنود النظر إلي بشكل مفزع...لم أستطع الحراك بالمطلق نظرا لتقيدي يدي بالسرير الذي أرقد فيه... كانوا يعترضون طريق كل طبيب يحاول دخول الغرفة...يقومون بالحديث سويا باللغة العبرية... أبلغني أحدهم أنني قيد الاعتقال...وأنني أرقد في مستشفى هداسا بالقدس المحتلة.

بعد وقت قصير حضر جنود آخرون إلى غرفي... قاموا باستجوابي عن سبب تواجدي بالقرب من منزل جدتي... أخبرتهم أنني ذاهب لزيارتها...ولكنهم رفضوا تصديقي وأصروا أنني كاذب... بقيت على هذا الحال خمسة أيام... كان الزائرون فقط من الجنود والمحقوقون والأطباء.

يوم الأربعاء قرر أحدهم أن العلاج قد انتهى ويتوجب علي مغادرة المشفى إلى سجن مستشفى الرملة... قام الجنود بنقلي بشكل همجي إلى أحد سياراتهم.. لم يعملوا على تجنب اصطدام قدمي بالأرض أو بأجزاء السيارة ما تسبب في زيادة ومعاناتي وآلمي... وعند وصولي وضعت في غرفة لوحدي... لم يكن بمقدوري السير على قدمي المصابة بالمطلق وكنت بحاجة لمن يساعدني... لكن أي من السجانين لم يقم بذلك.

في اليوم التالي عرضت على محكمة عسكرية قامت بتمديد اعتقالي إلى فترة لم أعرف مدتها.. وفي ذات اليوم أخبرني أحد جنود الاحتلال أنهم قرر احتجازي إداريا لمدة ستة أشهر... دون أي تهمة يوجهونها إلي... وبعد ساعات قليلة قام أحد محققي الاحتلال بإحضار مسدس وزعم أنه وجده في المنطقة التي أصبت واعتقلت فيها وأنه كان بحوزتي... نفيت ذلك بالمطلق وأخبرتهم أنني كنت في طريقي إلى منزل جدتي...حاولوا إجباري على الاعتراف ولكن دون جدوى.

ومساء الجمعة حضر عدد من الجنود واخبروني بلغتهم العربية الثقيلة أنهم قرر نقلي إلى مكان آخر... قاموا باقتيادي إلى سيارة الاعتقال بطريقتهم الهمجية التي اعتدت عليه.. كان الألم يتجدد كلما حاولا نقلي من مكان آخر.. لم يضعوا في اعتبارهم أن قدمي مصابة برصاصهم...سارت السيارة التي كبلت داخلها قرابة نصف ساعة.

بعدها قام الجنود بإلقائي خارجها وأخبروني أنني موجود بالقرب من معتقل عوفر الإسرائيلي القريب من رام الله وأن علي التوجه إلى بلدة بيتونيا القريبة التي لا تبعد عنه سوى مئات الأمتار... لم أكن أقوى على السير لو لمتر واحد... لم أدري ماذا يتوجب علي أن أفعل.

قررت الزحف حتى الوصول إلى البلدة مهما كلفني الأمر... استغرقي الوصول إليها قرابة ساعة واحدة وأنا أقوم باستخدام قدمي المعافاة أو أقوم بالزحف على الإسفلت... وهناك وجدني أحد الموطنين وقام بنقلي إلى بسيارته الخاصة إلى منزلي في قرية سلواد.

الله اكبر على الظلم مشكور اخي جبريل

:no: :no: :no:

:no: :no: :no:

:cheers:

:cheers:

:cheers: