القدس 9-10-2008 وفا- راسم عبد الواحد
لم تمض سوى بضعة أيام على انتهاء شهر رمضان الكريم وعيد الفطر السعيد، نعم خلالها المسجد الأقصى المبارك بالدفء وبالأمان مع تجديد الآلاف من المواطنين للعهد معه، وأبدوا مدى حبهم وتعلُّق أفئدتهم به، وهو جزء من عقيدتهم وإيمانهم، حتى أعادت سلطات الاحتلال الحصار عليه من جديد، وسهّلت دخول الجماعات اليهودية المتطرفة إليه، وسمحت لهم بأداء بعض الطقوس التلمودية بباحاته وساحاته الطاهرة المباركة.
الاعتداءات والاقتحامات الجديدة جاءت في ظل احتفالات اليهود بأحد أعيادهم 'الغفران'، وهي مناسبات كثيرة، لا تكاد تنتهي مناسبة أو عيد حتى تبدأ مناسبة أو عيد آخر؛ يكون المسجد الأقصى المبارك هو قبلة الجماعات اليهودية المتطرفة بالاستهداف، سعياً لتحقيق مخططات خبيثة وخطيرة ليس أقلها اقتطاع جزء هام من المسجد الأقصى لصالح بناء هيكلٍ مزعوم بالمرحلة الأولى، أو في هدم المسجد الأقصى والسيطرة عليه وبناء الهيكل على أنقاضه، وهي مخططات بات الكل يعرف بتفاصيلها، ويتم الإعلان عنها علانية وبكل الوسائل الإعلامية العبرية الرسمية منها وغير الرسمية.
عاد المسجد الأقصى حزيناً أسيراً، تُدنسه الجماعات اليهودية المتطرفة، وشرطة الاحتلال، التي باتت تصول وتجول بكل باحاته وساحاته، وتوفر الحماية والأمن للجماعات اليهود المتطرفة، وأكثر من ذلك في ملاحقة حرس وأذنة المسجد الأقصى ومنعهم من التعرض لليهود المتطرفين أو منعهم من أداء طقوسهم بباحاته وساحاته.
ولعل الاحتلال وجماعاته اليهودية المتطرفة يريد أن يرسل رسالة لمئات الآلاف من المواطنين الذين أمُّوا المسجد الأقصى خلال شهر رمضان، مفادها أننا هنا، وأننا أصحاب السيطرة في المسجد، خاصة أن اقتحامات يوم أمس كانت بأعداد هائلة من المتطرفين تُرافقهم أيضاً قوة شُرطية كبيرة لتوفير الحماية من جهة للمتطرفين اليهود، ولبث الرعب في نفوس المُصلين وموظفي الأوقاف الإسلامية داخل المسجد المبارك.
وقد استدعى الأمر الكثير من المؤسسات والشخصيات الاعتبارية المقدسية ومن داخل أراضي العام 1948 إلى توجيه النداءات العاجلة للمواطنين بضرورة شدّ الرحال المكثف إلى المسجد المبارك لكل من يستطيع الوصول إلى القدس، وخاصة في ساعات الصباح التي تشهد اعتداءات واقتحامات يهودية، كما دعت مدارس القدس إلى تكثيف برامجها وزياراتها إلى المسجد المبارك.
أما دائرة الأوقاف الإسلامية، وهي المسؤولة عن الإشراف وإدارة المسجد الأقصى، فأكدت على لسان مديرها الشيخ عزام الخطيب رفضها المطلق والحازم لكل ممارسات الاحتلال والجماعات اليهودية المتطرفة داخل المسجد المبارك، وشددت على أن المسجد هو حق إسلامي محض ولا حق لغير المسلمين فيه.
من جهته، طالب سماحة الشيخ تيسير التميمي العالمين العربي والإسلامي إلى تحمل المسؤوليات والواجبات المُلقاه على عاتقهما وعدم ترك المسجد الأقصى المبارك فريسة لليهود المتطرفين، ودعا أبناء الشعب الفلسطيني إلى شدّ الرحال إلى الأقصى على مدار الأيام كلها للحيلولة دون أي اعتداءات يهودية متطرفة أو تدنيس حُرمته.
وبين كل هذا وذاك، يرقب أبناء القدس، وخاصة داخل البلدة القديمة وفي الأحياء المُلاصقة للمسجد الأقصى تحركات اليهود المتطرفين بكثير من الحذر والمتابعة، وتسود المنطقة أجواء ملبدة ومشحونة بالتوتر والغضب الشعبي العارم على اعتداءات واقتحامات يوم أمس، وبات الجميع يخشى أن يُقدم الاحتلال واليهود على تنفيذ مخططاتهم قبل قدوم شهر رمضان القادم، حينها لا تنفع النداءات ولا الاستغاثات، ولعل ما حصل بالحرم الإبراهيمي الشريف بمدينة الخليل شاهد على ما يمكن أن يحصل بالأقصى في الأيام القادمة.