هل مرَّ أيلول ؟
أي ريح حملتك إليّّ يا أيلول ، أي ريح ؟
هدية ٌمن السماء أنت يا أيلول فهل أردُ هدية
السماء ؟
هبة ٌ أنت من السماء فكيف لا أشكر السماء ؟
قبل ألف عام يا أيلول ألقت بك رياح خريفية إلى حضن قلبي .. وليد للتو بعد طول غياب ! فكيف لا أحسن استقبالك ؟ كيف لا أشكر السماء؟
احتضنتك بين ذراعيّ وداعبت قسمات وجهك الجميل برفق وحنان ، نظرت في عينيك ، ما أجملهما من عينين ! آه لو أنني أهيم فيهما دهرا ً، لو أنني أهيم فيهما ألف عام .
أبحرت في عينيك فلمحت سحابة من الحزن تظللهما ، وَجَلَ قلبي لحزنهما لكنني تمالكت روحي ثم أخذت أبحر أكثر وأكثر في أفق عينيك . غضب ٌ .. غضبٌ ارتسم في بؤبؤ عينيك ثم أخذتَ تزأر وتزمجر كجنون أيلول حين تداهمه رياح خريفية ماطرة .. وأنا أنقل الخطى حول قلبك حائرة ، خائفة ، ثم ركضت إليك ولثمت عينيك بآلاف القبل وضممتك إلى قلبي ، أنت وحزنك في قلبي يا أيلول ، أنت وحزنك يا أيلول.
أيها القمر المتربع في سماء العشاق ، أنت الشاهد الوحيد على قلبي ، ألم يمرّ أيلول من هنا قبل ألف عام ؟ ألم ألثم عينيه بآلاف القبل ؟
أهَرمِت يا قمر ؟ أم أنك لم تعد تجيد لغة العد ّعلى الأصابع ؟ أنا مثلك يا قمر لم أدخل مدرسة قط ، الحياة هي مدرستي ، هي من علمني عدّ الأصابع آه وربما عض الأصابع ! لا أعلم يا قمر هل هذه الأنامل الناعمة الرقيقة معدودة أم معضوضة ؟
قبل ألف عام سألني أيلول أي الفصول أحب إليك ؟ فأجبته على الفور : الخريف ، كنت أكذب في حينها فقد كان الشتاء أحب الفصول إلى قلبي لأنه كان يمارس عني عادة البكاء ، كان يغسلني بدموعه السخية ، يعمد أفقي ، يطهر روحي ، يلعق ما علق فيها من غبار الأيام .
أيلول مرّ من هنا يا قمر، مر ّ قبل ألف عام ، حملته الأقدار إلي وهمست لي في حينها هو هبة السماء ، وأنت يا قمر هَرمِت فلم تعد تجيد عدّ الأصابع ولا حتى عدّ النجوم المحدقة بك في ظلمة السماء .
أيلول مرّ من هنا ، مرّ قبل ألف عام ولثمت أنا عينيه بآلاف القبل وهذه الأصابع المعدودة ، المعضوضة تشهد أن أيلول مرّ من هنا ، مرّ من هن