التربية في فلسطين كحالة مواجهة مكثفةلعولمه طاغيه واحتلال استيطاني

عمد الاحتلال الإسرائيلي طوال المرحلة الماضية إلى ضرب العملية التعليمية الفلسطينية، وذلك بهدف تفريغها من محتواها الثقافي الوطني، وطمس الوعي المعرفي والعلمي للأجيال الشابة، وإبعادها عن قضيتها الوطنية وعن تاريخها وتراثها، وبالتالي حرمان المجتمع الفلسطيني من عنصر رئيسي في نهضته وتطوره المنشود. وقد قام الاحتلال بمحاربة الثقافة الوطنية للشعب الفلسطيني عبر جملة من الإجراءات بدءاً من اعتماد مناهج متخلفة وغير وطنية، لا تعبر عن أهداف الشعب الفلسطيني وتطلعاته في التحرر والاستقلال والتقدم، وانتهاء بالاقتحام المستمر للمراكز التعليمية والإغلاق المتكرر لها، وحرمانها من إمكانيات التوسع والتطور، وممارسة سياسات البطش والاعتقال والإبعاد بحق النشطاء والسياسيين من الطلبة، والهجوم الإعلامي وإساءة السمعة دولياً للمناهج والإعلام الفلسطيني الذي يعتبره تحريضياً يخدم فيما يسمى بالإرهاب. وقد استفاد الاحتلال كثيراً من أحداث سبتمبر واشترط على السلطة الوطنية إزالة كل ما يتعلق بالتحريض ضد إسرائيل.

وعلى الرغم من الإجراءات الإسرائيلية التعسفية فقد اضطلعت جماهير الطلبة بدور مميز في مسيرة نضال الشعب الفلسطيني، في الكفاح من أجل الحرية والاستقلال وإقامة الدولة المستقلة، فقدمت مساهمات وتضحيات كبيرة، شكلت رافداً نوعياً لا غنى عنه في إغناء الفكر التحرري وتطويره، وفي إطلاق الطاقات الإبداعية لعموم الشعب الفلسطيني في مواجهة الاحتلال وسياساته في طمس الثقافة والهوية الوطنية للشعب الفلسطيني، وفي حقه في الحرية وتقرير المصير. فالقطاع الطلابي يمثل القاعدة الأوسع داخل المجتمع الفلسطيني، والأكثر حيوية والتصاقاً بمصالح الشعب، والأكثر اندفاعاً في التعبير عن همومه وقضاياه المصيرية والحياتية، وفي النضال المستمر من أجل تحقيقها.

ومع قيام السلطة الوطنية الفلسطينية، كخطوة على تحقيق الاستقلال الوطني، وما حمله من خصوصية وتداخل في المرحلة الراهنة، ما بين إنجاز المهمات الوطنية في دحر الاحتلال وبسط السيادة الوطنية الكاملة على أرض الوطن، وبين مهام البناء وإرساء أسس المجتمع المدني الديمقراطي القائم على التعددية السياسية والديمقراطية، والفصل ما بين السلطات، واعتماد مبدأ تداول السلطة، وإحقاق المساواة والعدالة الاجتماعية وضمان الحريات العامة، وانطلاقاً من كون القطاع الطلابي يمثل الطليعة المثقفة لهذا الشعب، وانطلاقاً من أن الهموم والقضايا الطلابية لا تعيش بمعزل عن هموم المجتمع وقضاياه العامة والخاصة - فهذا يطرح استحقاقاً نوعياً كبيراً على القطاعات الطلابية، يتطلب زيادة دورها وفعاليتها داخل المجتمع الفلسطيني، وقدرتها على محاكاة الهمين العام والخاص، وفق صيغة جامعة تنظم العلاقة ما بين خوض النضال من أجل استكمال المشروع الوطني، وضمان التفاف جماهير الشعب الفلسطيني حول برنامجها في العودة وتقرير المصير والاستقلال، ومن جهة أخرى الحفاظ على مصالح أوسع الفئات الاجتماعية، بما يضمن المساواة والعدالة الاجتماعية وإرساء الحياة الديمقراطية، ومحاربة الموروث السلبي من تقاليد تكبح قدرة المجتمع الفلسطيني على النهوض والتطور، وصولاً للمجتمع المدني، انطلاقاً من أن الطابع العام للمرحلة الراهنة ما زال تحرراً وطنياً، وأن التناقض الرئيس لعموم الشعب ما زال مع الاحتلال، ومن الخطأ تغليب أي تناقض ثانوي. إن هذا الوضع يفرض على جميع الأطر الطلابية القفز عن المصالح الفئوية الضيقة، وخوض عملية مراجعة نقدية شاملة، في خطوة تستهدف تعزيز الإيجابيات وتجاوز سلبيات المرحلة السابقة، والسعي من أجل أوسع ائتلاف اجتماعي ديمقراطي كفاحي، يحفظ وحدة الشعب ويصون إنجازاته، ويشكل رافعة في مسيرة النضال الوطني الديمقراطي الفلسطيني، من هنا علينا العمل على: