أيام معدودة تفصلنا عن إحياء الذكرى الرابعة لرحيل القائد والرمز : 'الرئيس الفلسطيني الشهيد ياسر عرفات' رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية؛ ورئيس منظمة التحرير الفلسطينية؛ والقائد العام لقوات الثورة الفلسطينية؛ ومؤسس العهد الفلسطيني؛ رمز الوحدة والتحرر والعودة الذي غادرنا شهيداً في 11/11/2004م .
تقترب هذه الذكرى الغالية على نفس كل فلسطيني ومازال الانقسام الفلسطيني قائماً وعلى أشده؛ في وقت يتمسك البعض بمطالبه المتصلبة المعيقة لجهود نجاح الحوار وتحقيق الوحدة والمصالحة وترتيب البيت الفلسطيني؛ الذي يسعى إلى تحقيقه الأشقاء المصريين مشكورين؛ والذين يعملون جاهدين بإخلاص من أجل رأب الصدع الفلسطيني وإنهاء حالة الانقسام والفوضى، الذي ألحق الأذى بالكيانية الفلسطينية، بما يحمله من انقسام سياسي وجغرافي أصاب قطاعات عديدة لدى المجتمع الفلسطيني 'داخلياً وخارجياً'، وعلى رأسها قطاعي التعليم والصحة و... قطاعات خدماتيه أخرى أصيبت بالشلل بفعل الحصار والقطيعة الدولية والانقسام وحدّة التجاذب السياسي والأمني.
تأتي هذه الذكرى الغالية على قلب كل فلسطيني حر يعشق الثورة وصناعها التاريخيين أمثال الشهيد القائد العام 'ياسر عرفات'، صانع التاريخ الفلسطيني المجيد الذي ارتبط اسمه بفلسطين منذ فجر عيلبون عندما فجر أطول ثورات التحرر في العصر الحديث، في الفاتح من يناير1965م ومقولته الشهيرة : 'حتى يغيب القمر'،.. ثورة حتى النصر، فانطلقت معه كل الجماهير لتلبي النداء،.. نداء أول الرصاص وأول الحجارة.
كانت رحلة القائد الثورية بدأت منذ أن أنخرط سابقاً في صفوف الجيش المصري وعمل برتبه ملازم عقب العدوان الثلاثي عام 1956، والتي كانت بالنسبة له إطلاق العنان لتحمل عبئ القضية الفلسطينية، فقاد الثورة والثوار وأعلن الدولة وأسس لها وفاوض لأجلها رافضاً التفريط أو التنازل عن أي شبر منها إلى أن وضعنا على أعتابها قبل أن يغادر، وقالها بصريح العبارة في هذا السياق : 'ليس منا وليس بيننا من يفرط بذرة من تراب القدس' التي هي حلمنا، حلم الأجيال وهي جوهر الصراع لدرجة انه أوصانا أن يدفن بها وبترابها الطاهر فهي أمانة في أعناقنا ورسالة أوصانا عليها إلى يوم الدين ويوم يقوم الأشهاد، سنسأل عنها ونحاسب عليها أمام الله عزوجل؛ وأمام شعبنا المناضل، فحرص أن يذكرها ويكررها في خطاباته التعبوية الحماسية لشحذ الهمم : 'حتى القدس ..حتى القدس – فنحن مشاريع شهادة'. فكان الأب والأم والصديق والساهر والحارس على أبناء شعبنا في الداخل والخارج وفي مخيمات اللاجئين وفي الشتات؛ ومن حصار إلى حصار امتد من حصار أيلول مروراً ببيروت وانتهاءً بحصار رام الله، مردداً : 'شهيداً .. شهيداً .. شهيداً؛ ليسمعها القاصي قبل الداني هذا دربي واختياري منذ عقود طويلة'. فكان التحدي والصمود عنوانه ليخرج منتصراً من بين الركام كما عودنا على ذلك رافضاً التنازل أو المساومة، مقاوماً حاملاً رشاشه الأوتوماتيكي بيده، مسقطاً الرهان وكل المؤامرات التي تحاك من كل حدبٍ وصوب لإهلاكه وإهلاك القضية وشطبها عن الخارطة السياسية .
واليوم بعد رحيل بطل فلسطين الأول يقف العالم بأسره قادة وشعوب ليذكروا محاسنه وعبقريته وحنكته وإستراتيجيته العسكرية ودبلوماسيته السياسية الفذة 'رجل البندقية والدبلوماسية' يقفون على ضريحه ويسجلون ويستذكرون المواقف والبطولات والمسيرة التي كان عنوانها هي 'أنبل ثورة عرفها التاريخ وسجلها بأحرف من نار ونور، أقرها قادة وزعماء العالم'، عبر عنها سابقاً البعض بأسلوبهم المميز فقد صعد الراحل الأردني الملك حسين، على إحدى الدبابات وقال 'كلنا فدائيون'، بينما قال الزعيم المصري جمال عبد الناصر كلمته الشهيرة ، 'إن هذه الثورة الفلسطينية هي أنبل ظاهرة في التاريخ العربي' وأضاف عليها أبو عمار 'وجدت لتبقى'. وحقيقة سجلت معركة الكرامة انتصاراً باهراً هزت مشاعر العالم العربي من المحيط إلى الخليج في وقت كانت تشهد الساحة العربية تراجعاً كبيراً عقب هزيمة عام 1967م فبعثت بهم الأمل، وهي النقلة النوعية في فكر وإستراتيجية الرئيس الشهيد عرفات، بأن القضية الفلسطينية لا يقدر على تحريرها غير الفلسطينيين .
وأخيراً أسألكم يا شعبي رجالاً ونساءً قادةً ورفاقاً أشبالاً وأسوداً على اختلاف مشاربكم السياسية 'وطنية و إسلامية'، يا من تربيتم في كنف هذا الختيار الأشم، حتى أصبحت صورته الطاهرة واسمه في وجدان وقلوب كل ثائر ومقاوم يصر ويقسم على درب وعهد الشهيد المغوار ، عهد الشهداء من أجل فلسطين والوطن والقضية والحرية.أسألكم أما يستحق هذا القائد التاريخي التخليد، باعتباره رئيس الشعب الفلسطيني دون استثناء عمل من أجلكم وقدم حياته قرباناً من أجل إحياء القضية الفلسطينية في المحافل الدولية، التي كانت مجرد قضية إنسانية أو عاطفية منسية ... إلى قضية شعب ووطن وتحرير واستقلال؛ تصدح في عواصم ومقرات وهيئات دول العالم العظمى ومجالسها؛ ووسائل إعلامها المختلفة، نحو دولة و وطن محتل يناضل من أجل التحرير وكنس الاحتلال فحازت على الاعتراف بها.
وأتساءل كيف نطلب من العالم أن يحترم رموزنا، ويحفظ ويحترم دماء أبنائنا.؟، بينما نحن لا نحترم قادتنا الشهداء والأبطال، ولا نعير لهم وزناً أو مقاماً حتى في مماتهم ..؟ بالتالي من لا يحترم ولا يكرم قادته التاريخيين لا يستحق الوطن، أو حتى المكوث فيه.
فكونوا على قدر المسؤولية من رئيسكم وعنوانكم واحيوا ذكراه الخالدة باعتباره واجب وطني مقدس على كل فلسطيني يحب فلسطين.