رجل والرجال قليل

كيف نبدأ ؟ وماذا نقول ؟ هذا القائد العظيم ماذا ترانا نصفه ؟ ماذا تكتب الأقلام ؟؟ كيف تعبر الصدور عما يجول في داخلها ؟؟

عاش الرقم الصعب ، ولم اقل مات الرقم الصعب وحير العالم في مماته على نفس القدر إن لم يكن اكبر عن حياته ، لأنه لم يمت ولن يمت ، ومن اماته أمات القضية قتلا وشنقاً ، وكيف يموت من هو فينا حي، فلا تذكر فلسطين حتى على الأقل ككلمة حتى رأساً ترتبط بالأذهان صورة الختيار بكوفيته المرقطة ، ذلك الرجل الذي تزوج القضية واخلص لها ، في أسمى وأروع حالات العشق والحب ، بماذا نصفه؟؟ كيف سنصدقه الوصف ، ونوفيه قدره؟؟؟

ألا يكفي الشعب الفلسطيني شرفاً اسم ياسر عرفات ، ألا يكفينا انه قضى نحبه كفاحاً ونضالاً وتجسيداً للقضية ، ألا يكفينا مفخرةً انه جعل على خارطة العالم الجغرافية والسياسية موقعاً لفلسطين ، ولم يغمض له جفن إلا بعد أن عرف العالم ، بان هناك شعب يستحق الحياة ، شعب لم يتردد أبدا أن يكون فداءاً لحريته وكرامته .

كيف لفلسطين أن يتكرر مثل هذا الرجل ، في الكفاح تجده مناضلا ً قائداً ثورته هي ثورة التحرير ، بل وسيد الثوار الأرض والحرب والبندقية تعرفه، في التفاوض والسلام ترى فيه الراعي والداعم للسلام ، في الزعامة عجزت النساء أن تلد مثيله ، تلك القبضة الحديدية التي تمسك بزمام الأمور فلا تعطي مجالاً للانقلاب ولا التمرد وليس من خلال الدكتاتورية السياسية بل هيبة القائد التي تجعل من يقف أمامه ينحني إجلالا وتقديراً لفلسطين المرتبطة أوثق ارتباط به، حتى لمن يختلف معه كمواقف سياسية لا يمكنه إنكار تاريخه ونضاله وكفاحه وتضحياته ، وكيف لأي فصيل أو جهة أن تثور في وجود سيد الثوار واعتقد أن التجربة أثبتت قيمة وجوده على الأرض وأهميتها القصوى في استقرار الأمن الداخلي وحفظ الدم الفلسطيني الذي أهدر ما أهدر منه بعد غياب رب البيت .

أما على الصعيد الإنساني ، فاعتذر من كل القراء حيث يقيني ، باني سأقصر واقصر واقصر ، كان والدا حنونا لكل من قال أنا فلسطيني ، كان الأب الحنون لأبناء الشهداء ، وللأرامل أخ ووالد وصديق وراعي ، هل من عاقر فلسطينية لم يسهم أبو عمار في شفائها وإنجابها من خلال إرسالهم إلى الخارج لعمل ما يلزم ؟ هل من بيت فلسطيني لم يدخل الختيار البسمة له وهنا لكم الحرية في تحديد الطريقة التي رسم فيها تلك البسمات من مساعدات مادية ، أو لمسة من يده الحنونة ، أو من كفاحه ، أو حتى تصريحاته التي تأجج المشاعر .............

من هو الرئيس الذي أعدت له ثلاث جنازات ؟؟؟؟ من هو القائد الذي تهاوت الملايين للمشي في جنازته ، ولا ننسى أن الحواجز الإسرائيلية المقيتة والعراقيل حالت دون ذلك ، من من الرؤساء يحاصر لمدة سنوات متتالية ؟؟ من من الزعماء يوصي بشعبه في الشتات وهو يصارع الموت ويتصل بوزير ماليته ليوصيه برعاية أبناءنا في لبنان ؟؟؟؟ هنا قد يجيب قاريء هناك الزعيم عبد الناصر وآخر يقول رفيق الحريري كان رئيس رائع ، أو ..........................الخ .

نعم هناك زعماء أشراف ذوي نضال وآخرين ذوي خطوات بناءة لبناء وإعمار أوطانهم ، لكن المفارقة هنا اجتماع مجموعة كبيرة من الصفات في شخص واحد ( النضال – الكفاح – التضحية – العمل من اجل السلام في الوقت الذي يدعم فيه المقاومة ويمولها – الإمساك بزمام الأمور لدرجة وصفه أحيانا بالدكتاتور –التواضع- الزهد والتقشف اللذان ظهرا بتجلي أثناء حصاره بشهادة من المقربين منه – الحضور الكاريزمي القوي -الإنسانية المفرطة التي تصل لتقبيل أقدام وأيدي الجرحى والأطفال – استضافة المواطنين في الأعياد لتقبل التهاني – الحث على دعم المواهب والمسيرة التعليمية والعمل على التطوير )

استغرب وابدي كل الدهشة من تصرف حركة حماس التي تمنع طباعة صوره في القطاع ، وتهاجم أي مهرجان لإحياء ذكراه ، ماذا يريدون بعد ؟؟؟؟ هل بإيقاف أي نشاط يكون مضمونه الختيار ، سيلغون شخصه ، وتاريخه ، ونضاله ، هل يعملون على مسحه من الذاكرة ؟؟؟؟؟؟؟؟؟ وهنا يستذكرني مشهد إسقاط تمثال صدام في بغداد بعد إسقاط نظامه ، الذي ظن البعض في باديء الأمر أن من قام بذلك هم أبناء الشعب ، حيث الحقيقة انه فيلم أمريكي تقاضى مخرجه ملايين الدولارات ، وهنا الأقبح في الموضوع حيث من قام بذلك الاحتلال الغاصب ، ولكن عندما يفعل ذلك فئة من فلسطين ذات شعبية و برنامج للمقاومة ، ماذا يوصف ذلك ؟؟؟؟؟؟؟ وما المراد منه ؟؟؟؟؟؟ رغم أن حركة فتح ولا حتى السلطة كانت لتمنع التظاهرات والتجمعات الجماهيرية لتلك الحركة عندما تحيي ذكرى قائد استشهد أو ناضل ؟؟؟ ألا يشرف هؤلاء وغيرهم وجود مثل هذا الزعيم الفلسطيني ، قد تختلف معه وقد تتفق ، خاصة في بعض المواقف السياسية وهنا اخص بالذكر اتفاق اوسلو الذي أثار الجدل الأكبر في تاريخ القضية ، ولكن مهما تباينت الآراء وتفاوتت ، إنه القائد الرمز الذي نشأنا على صوره في التلفاز ، الذي زرع فينا الشموخ والعزة ، الذي علمنا ما معنى وطن ، وكيف نضحي من اجله ، هو من حمل سلاحه مقاوماً ، وأيضا هو من مسك بقلمه موقعاً من اجل السلام . أليس هو من طالما ذكر القدس وتمنى أن يدفن فيها كما اعتبرها دائما عاصمة فلسطين وتمنى رؤية العلم يرفرف عالياً على أسوار ومآذن وكنائس القدس؟ أليس من طالب دوماً بعودة اللاجئين ؟ أليس من جسد أروع معاني الأُخوة والتسامح مع الإخوة المسيحيين ؟.

سيظل خالداً مكرماً مع الشهداء الأحرار الأبطال شاء من شاء وأبى من أبى ، بل ويجب أن نطالب بأعلى أصواتنا إدخاله كتب التاريخ هو ورفاقه من الزعماء وغيرهم من مختلف القوى وقد سبقت الإشارة إلى ذلك في ( تاريخ يحتاج إلى نشطاء) ، وان تعلق صوره الخالدة في قلوبنا على الملأ ،حتى تعرف الأجيال الجديدة من هو أبو عمار ، وعلى المخلصين لفتح بل ولفلسطين أن لا يخافوا من التهديدات ويتحدوا كل العراقيل ، فان سكتم اليوم على مثل هذا الأمر، ستسكتون على أمور أخرى اكبر وأعمق ،وسنرجع بالقضية عدة سنوات إلى الوراء كما حصل بعد الانقلاب ، فبعد أن كنا نحاور من اجل حقوق الشعب الفلسطيني ، أصبحنا نرجو الوفاق ونتمنى عقد الحوار المشترك بين الفصائل .

يعطيك العافيه