تستطيع حركة 'حماس' أن تقول ما تريد حيال عرض الرئيس محمود عباس العودة إلى الشعب في انتخابات تشريعية ورئاسية لم يتحدد موعدها بعد. ولكنها لا تستطيع أن تقول أن العودة إلى الشعب (وهو مصدر السلطات في القانون الأساسي الفلسطيني) ليس حلا سلميا لإنهاء انقسام غزة. وإنها تعارضه لأنه سلمي . وتستطيع حماس أيضا أن تتحدث عن الشرعيات التي هدمتها بالعنف وقوة السلاح؛ (حكومة الوحدة الوطنية. والمجلس التشريعي) عن طريق انقلابها العسكري على السلطة في قطاع غزة. وتستطيع أن تواصل محاولاتها هدم شرعيات أخرى كذلك، ولكنها لا تستطيع بأي حال أن تحظى بأي شرعية. إلا من خلال استجابتها لدعوة الرئيس عباس في خطابه بمناسبة إحياء الذكرى السنوية للزعيم الخالد ياسر عرفات. وفي وصف عباس 'ديمقراطية' حماس بـ'ديموقراطية عود الكبريت '، إصابة دقيقة للهدف من حيث أن حماس لا تريد أي شرعية فلسطينية أخرى إلا شرعية انتخاباها التي رعاها الرئيس عباس ومنحها كل ما تستحق من الشرعية قبل أن تنقلب عليه وعلى نفسها أيضا.قضية الشرعية ليست تفصيلا في الخلاف على المستقبل الفلسطيني بل هي مصدر القوة للشعب في كفاحه من اجل الاستقلال والتحرر وإقامة دولة مستقلة عاصمتها القدس مع حل عادل و متفق عليه لقضية اللاجئين من دون إجحاف بقضايا الحل النهائي السبع. ولأنها كذلك فمن المنطقي والطبيعي ألا يقبل أي مس بالشرعيات الفلسطينية بأي حال من الأحوال. وهو ما يفسر محاولات الرئيس عباس المحافظة على الشرعيات وتصحيح أي مس فلسطيني كانقلاب غزة، وهو يقوم بذلك لا باعتباره طرفا في خلاف داخلي بل بصفته قائدا لمنظمة التحرير الفلسطينية ورئيسا للسلطة الفلسطينية فوق كل السلطات الأخرى والشرعيات الأخرى المستمدة من البرنامج الوطني لمنظمة التحرير الفلسطينية وامتدادها الطبيعي في المرحلة الانتقالية السلطة الوطنية في الضفة والقطاع. ومسؤولا عن المصالح الوطنية العليا للشعب الفلسطيني.فجميع أشكال الاعتراف والمكاسب السياسية التي حققها الشعب الفلسطيني تنبع من الاعتراف بالمنظمة وبرنامجها السالف الذكر. وجميع هذه المكاسب المعنوية والمادية ومنها الاتفاقات الانتقالية وقعت باسمها وبقرارها وانسجاما مع المصالح الفلسطينية العليا. ولا يغير من ذلك وجود معارضة فلسطينية للمسارات السياسية المذكورة لان جميع المعارضات كانت تنطلق من تلك الشرعية وتحافظ عليها ولم تمس للحظة واحدة بها . بدليل مواصلة فصائل المعارضة الفلسطينية اعترافها بمنظمة التحرير ومؤسساتها القاعدية والقيادية ووجودها فيها باعتبار المنظمة كيانا معنويا وسياسيا للشعب قبل إقامة الدولة الفلسطينية وجبهة وطنية تضم جميع القوى والأجسام السياسية بما في ذلك المستقلون. لا باعتبارها حزبا سياسيا أو فصيلا يمكن الإطاحة به أو الاختلاف معه وتحويل الخلافات السياسية معه إلى خصومة فعداوة.إذا كانت هذه الأسس هي الناظم للعمل السياسي الفلسطيني ومصدر شرعياته فماذا يعني عدم اعتراف حركة 'حماس' بالمنظمة ومطالبتها بحصة القيادة فيها من دون هذا الاعتراف . وماذا يعني الانقلاب العسكري حيال القانون الأساسي الفلسطيني ( الدستور). غير الإجحاف بكل ما هو شرعي وقانوني في الحياة السياسية الفلسطينية.