عام على رحيل حكيم الثوره

عام على الرحيل
في الذكرى الأولى لرحيل حكيم الثورة وضميرها
الدكتور جورج حبش

ومرّ عام على رحيل قائدنا ومعلمنا حكيم الثورة وضميرها الرفيق الدكتور جورج حبش ، عام مثقلٌ بالأحداث الساخنة ، فرقة وانقسام بين من اقتسموا بالأمس رغيف الجوع واللجوء ، لكنهم تحاربوا اليوم وتجاوزوا كل الخطوط الحمر عندما تقاسموا سلطة بائدة ، وحصار يتلوه حصار ، احتلال يبطش بلا هوادة ، هنا في غزة بابور الكاز لا زال شعار المرحلة ، مرحلة دُمغت ببصمة الأنفاق ، فكان الغلاء والاحتكار وتغوّل سماسرة الموت وأصحاب طقوس الثراء السريع .

هل يمكن لهذه الذاكرة المزدحمة بالهموم أن تتجاوز لهاث أناس بسطاء أنهكهم الحصار ، ازدحموا في طوابير لملء أنبوبة غاز أو شراء ربطة خبز .

هل يمكن لهذه الذاكرة أن تنسج خيوطاً لماضٍ جميل لم تنتهك حرمته أداة السلطة - وأي سلطة !! - بالاعتقال السياسي وكبح الحريات وملاحقة المقاومة وتقويضها أملاً في وهمٍٍ غرقنا فيه عشرات السنين لكنه لا زال يروق لأصحابه .

في هذا العام اندلعت أم الحروب ، وتغيّر وجه غزة وانتفضت حتى قبورها لتقاتل ، ويقاتل معها الحجر والشجر، أشباح كانت تشق الأرض وتقاتل ، في غزة قُتل مئات الأطفال والشيوخ والنساء ، وقصفت آلاف البيوت لتسوّى بالأرض على رءوس من فيها ، أسلحة بشعة كان لها شرف المرور من هنا ، حلّقت في سماء غزة وتركت هنا بصمات إن مسحتها ذاكرة الأيام فإنها حتماً ستظل باقية في ذاكرة من خرجوا أحياء من بين الركام !!! .

في غزة قُصفت الجامعات والمدارس والمساجد والمؤسسات ، ودمّرت الجسور والطرقات ، هنا عوقب الأموات بموتهم فقُصفت القبور ، وتبعثرت عظامهم أشلاءً تستصرخ عالماً يعيش فوق الأرض لكنه غير مسجل في قوائم الأحياء .

في غزة قرأ الناس الفاتحة على أنظمة تُسمي نفسها عربية ، تحرّكت شعوبها وملأت الدنيا ضجيجاً لكنها ميتة ، نُفخ في الصور وما قامت قيامتها ، بعضهم التحق بقمة عرجاء ولا جديد سوى جعجعة كلام ، لم يفِ بحق الأقلام التي كتبته على ورقهم المزركش ، وبعضهم أجّل نخوته على هامش قمة أخرى لكنها اقتصادية ، وكأن لسان حالهم يقول بأننا في غزة منتج فاسد منتهي الصلاحية ينبغي التخلّص منه أو إعادة تصنيعه وقولبته بمواصفات صهيوأمريكية .

لغزة لم تنتصب سوى هامة شافيز الذي انتصر لدماء المئات من الأبرياء من الأطفال والشيوخ والنساء ، فطرد الصهاينة من بلاده وأعلنها دون خوف أو وجل " أنتم غير مرغوب بكم هنا في بلادنا " ، كان لشافيز نخوة المعتصم ، وأنا أجزم بأنه لم يسمع بالمعتصم يوماً لكنه صاحب مبدأ وصاحب موقف لا يمتلكه العرب .

في غزة تبجّح الصهاينة ، وكان لهم عزف منفرد بالصواريخ والقذائف والقنابل براً وبحراً وجواً ، أسلحة مهذبة وغير مهذبة ، محرّمة وغير محرمة كانت تدك أرض غزة ليل نهار ، وضمير العالم يغطّ في نوم عميق فلا أمن له ولا مجلس هنا ، ولا اتفاقات ولا مواثيق ولا عهود ، كلها داستها جنازير الدبابات الغاشمة يوم أن جاءت إلى غزة ، وبصق عليها الجنود الصهاينة بسخرية وبعضهم ادّخر ريقه وترفّع عن البصق .

لكن غزة كانت تعج بالرجال ، الذين انتفضوا للدفاع عنها ، في غزة كانت مقاومة باسلة تصدّت لأبشع هجمة شهدها التاريخ وواجهت أعتى ترسانة عسكرية في العالم ، مقاومة توحّدت في الميدان ، وحدة صنعتها الأيدي الضاغطة على الزناد ، المقاتلون والشهداء هم عنوان عزتنا وقم قادتنا الحقيقيون هم الذين طووا بقتالهم صفحة الانقسام وجسدوا الوحدة ببنادقهم وبدمائهم الزكية ، لكن ساستنا كعادتهم حافظوا على ثوابتهم فاختلفوا ، رقصت كلماتهم وتصريحاتهم فوق الدماء ، صرخ المقاتلون أيا قادتنا هبوا كونوا بمستوى الجراح ، هبّوا فقد جاء وقت الوفاق ، لكنهم ما جاءوا ، وبقيت لغة السب والشتم والتحريض والتخوين من أقدس ثوابتهم .

عام مضى إلى ذمة التاريخ يمكننا قراءته الآن مرات ومرات ويمكننا الوقوف أمام محطاته لنستلهم العبر والدروس ، ونقف أمام ذواتنا بكل جرأة لنعترف بأننا هنا أصبْنا وهنا أخطأنا ، هكذا علمونا قادتنا الكبار ، إن الشاهد الرئيسي الذي يمكن أن نستحضره هنا ويمكن أن نبني عليه خلاصة القول ، هو أن وحدة مقاتلينا في الميدان خير برهان على أن شعبنا توّاق للوحدة وبأن مقومات صمودنا تتضاعف بوحدتنا وتماسكنا ، وبأن مشروع الوحدة الوطنية يمتلك عناصر النجاح لو صدق ساستنا كما صدقت بنادق مقاتلينا ، إذا كان هدفهم هو فلسطين حقاً فإن كل " مطبّات " خلافاتنا ستذوب مثل الجليد ولن تصمد أمام إرادة وحدتنا إن وُجدت بصدق ووُجد أيضاً من يدفع باتجاهها من الطرفين .

رحم الله شهداءنا وأسكنهم فسيح جناته



عام على الرحيل في الذكرى الأولى لرحيل حكيم الثورة وضميرها الدكتور جورج حبش ومرّ عام على رحيل قائدنا ومعلمنا حكيم الثورة وضميرها الرفيق الدكتور جورج حبش ، عام مثقلٌ بالأحداث الساخنة ، فرقة وانقسام بين من اقتسموا بالأمس رغيف الجوع واللجوء ، لكنهم تحاربوا اليوم وتجاوزوا كل الخطوط الحمر عندما تقاسموا سلطة بائدة ، وحصار يتلوه حصار ، احتلال يبطش بلا هوادة ، هنا في غزة بابور الكاز لا زال شعار المرحلة ، مرحلة دُمغت ببصمة الأنفاق ، فكان الغلاء والاحتكار وتغوّل سماسرة الموت وأصحاب طقوس الثراء السريع . هل يمكن لهذه الذاكرة المزدحمة بالهموم أن تتجاوز لهاث أناس بسطاء أنهكهم الحصار ، ازدحموا في طوابير لملء أنبوبة غاز أو شراء ربطة خبز . هل يمكن لهذه الذاكرة أن تنسج خيوطاً لماضٍ جميل لم تنتهك حرمته أداة السلطة - وأي سلطة !! - بالاعتقال السياسي وكبح الحريات وملاحقة المقاومة وتقويضها أملاً في وهمٍٍ غرقنا فيه عشرات السنين لكنه لا زال يروق لأصحابه . في هذا العام اندلعت أم الحروب ، وتغيّر وجه غزة وانتفضت حتى قبورها لتقاتل ، ويقاتل معها الحجر والشجر، أشباح كانت تشق الأرض وتقاتل ، في غزة قُتل مئات الأطفال والشيوخ والنساء ، وقصفت آلاف البيوت لتسوّى بالأرض على رءوس من فيها ، أسلحة بشعة كان لها شرف المرور من هنا ، حلّقت في سماء غزة وتركت هنا بصمات إن مسحتها ذاكرة الأيام فإنها حتماً ستظل باقية في ذاكرة من خرجوا أحياء من بين الركام !!! . في غزة قُصفت الجامعات والمدارس والمساجد والمؤسسات ، ودمّرت الجسور والطرقات ، هنا عوقب الأموات بموتهم فقُصفت القبور ، وتبعثرت عظامهم أشلاءً تستصرخ عالماً يعيش فوق الأرض لكنه غير مسجل في قوائم الأحياء . في غزة قرأ الناس الفاتحة على أنظمة تُسمي نفسها عربية ، تحرّكت شعوبها وملأت الدنيا ضجيجاً لكنها ميتة ، نُفخ في الصور وما قامت قيامتها ، بعضهم التحق بقمة عرجاء ولا جديد سوى جعجعة كلام ، لم يفِ بحق الأقلام التي كتبته على ورقهم المزركش ، وبعضهم أجّل نخوته على هامش قمة أخرى لكنها اقتصادية ، وكأن لسان حالهم يقول بأننا في غزة منتج فاسد منتهي الصلاحية ينبغي التخلّص منه أو إعادة تصنيعه وقولبته بمواصفات صهيوأمريكية . لغزة لم تنتصب سوى هامة شافيز الذي انتصر لدماء المئات من الأبرياء من الأطفال والشيوخ والنساء ، فطرد الصهاينة من بلاده وأعلنها دون خوف أو وجل " أنتم غير مرغوب بكم هنا في بلادنا " ، كان لشافيز نخوة المعتصم ، وأنا أجزم بأنه لم يسمع بالمعتصم يوماً لكنه صاحب مبدأ وصاحب موقف لا يمتلكه العرب . في غزة تبجّح الصهاينة ، وكان لهم عزف منفرد بالصواريخ والقذائف والقنابل براً وبحراً وجواً ، أسلحة مهذبة وغير مهذبة ، محرّمة وغير محرمة كانت تدك أرض غزة ليل نهار ، وضمير العالم يغطّ في نوم عميق فلا أمن له ولا مجلس هنا ، ولا اتفاقات ولا مواثيق ولا عهود ، كلها داستها جنازير الدبابات الغاشمة يوم أن جاءت إلى غزة ، وبصق عليها الجنود الصهاينة بسخرية وبعضهم ادّخر ريقه وترفّع عن البصق . لكن غزة كانت تعج بالرجال ، الذين انتفضوا للدفاع عنها ، في غزة كانت مقاومة باسلة تصدّت لأبشع هجمة شهدها التاريخ وواجهت أعتى ترسانة عسكرية في العالم ، مقاومة توحّدت في الميدان ، وحدة صنعتها الأيدي الضاغطة على الزناد ، المقاتلون والشهداء هم عنوان عزتنا وقم قادتنا الحقيقيون هم الذين طووا بقتالهم صفحة الانقسام وجسدوا الوحدة ببنادقهم وبدمائهم الزكية ، لكن ساستنا كعادتهم حافظوا على ثوابتهم فاختلفوا ، رقصت كلماتهم وتصريحاتهم فوق الدماء ، صرخ المقاتلون أيا قادتنا هبوا كونوا بمستوى الجراح ، هبّوا فقد جاء وقت الوفاق ، لكنهم ما جاءوا ، وبقيت لغة السب والشتم والتحريض والتخوين من أقدس ثوابتهم . عام مضى إلى ذمة التاريخ يمكننا قراءته الآن مرات ومرات ويمكننا الوقوف أمام محطاته لنستلهم العبر والدروس ، ونقف أمام ذواتنا بكل جرأة لنعترف بأننا هنا أصبْنا وهنا أخطأنا ، هكذا علمونا قادتنا الكبار ، إن الشاهد الرئيسي الذي يمكن أن نستحضره هنا ويمكن أن نبني عليه خلاصة القول ، هو أن وحدة مقاتلينا في الميدان خير برهان على أن شعبنا توّاق للوحدة وبأن مقومات صمودنا تتضاعف بوحدتنا وتماسكنا ، وبأن مشروع الوحدة الوطنية يمتلك عناصر النجاح لو صدق ساستنا كما صدقت بنادق مقاتلينا ، إذا كان هدفهم هو فلسطين حقاً فإن كل " مطبّات " خلافاتنا ستذوب مثل الجليد ولن تصمد أمام إرادة وحدتنا إن وُجدت بصدق ووُجد أيضاً من يدفع باتجاهها من الطرفين . رحم الله شهداءنا وأسكنهم فسيح جناته وداعا حكيمنا وداعا رفيقنا