اعتبر الأسير السابق، الباحث المختص في الدفاع عن الأسرى، عبد الناصر فروانة بأن الحديث من قبل المجتمع الدولي عن معاناة شاليط وحرمانه من لقاء أفراد أسرته أو الإتصال بهم طوال فترة أسره، والمطالبة المستمرة بإطلاق سراحه، وعلى الجانب الآخر تجاهله المتعمد لدعوات ومناشدات ذوي الأسرى الفلسطينيين، وعدم التطرق لمعاناة تسعة آلاف وخمسمائة أسير فلسطيني بينهم مئات الأطفال وعشرات النساء والمرضى وذوي الاحتياجات الخاصة، الذين يعيشون في ظروف قهرية ولا إنسانية ويتعرضون لصنوف مختلفة من التعذيب الممنهج والإنتهاكات الجسيمة بمشاركة كل من يعمل في المؤسستين العسكرية والسياسية وبمباركة الجهات السياسية العليا وبغطاء قانوني وقضائي، إنما هو قمة الظلم والانحياز والتواطؤ الواضح لصالح الاحتلال وجنوده، ومنح الشرعية الدولية لجرائمه وإرهابه المنظم.
جاءت تصريحات فروانة في بيان صحفي له بمناسبة الذكرى الثالثة لأسر الجندي الإسرائيلي "جلعاد شاليط" على أيدي فصائل المقاومة الفلسطينية خلال عملية "الوهم المتبدد" بالقرب من معبر كرم أبو سالم جنوب قطاع غزة بتاريخ 25 من يونيو/حزيران 2006.
يوم مميز وآمال تنتعش
واعتبر فروانة يوم 25 حزيران، يوماً مميزاً في مسيرة المقاومة الفلسطينية يستحق فيه منفذي العملية على جل الاحترام والتقدير، وآسري شاليط يستحوذون فيه على الإعجاب لقدرتهم على إفشال كل المراهنات الإسرائيلية باستعادته بالقوة، مؤكداً على أن نجاح آسريه بالاحتفاظ به طوال السنوات الثلاثة الماضية، أحيا الأمل وعززه لدى ذوي الأسرى بعودة أبنائهم، لا سيما ممن تصفهم إسرائيل باطلاً "بالأيادي الملطخة بالدماء" ، وأن إصرار إسرائيل على الاستمرار في احتجاز هؤلاء لعشرات السنين، ورفضها إطلاق سراحهم ضمن الإفراجات السياسية، إنما شكل دافعاً أساسياً للمقاومة باللجوء للقوة لتحرير الأسرى، وهذا ما دفع أيضا ذوي الأسرى لمطالبة آسري " شاليط " بالتمسك بمطالبهم والإصرار عليها ، وعدم الخضوع للشروط والمعايير الإسرائيلية، حيث يرون بأسر "شاليط" وبصفقة التبادل المتوقعة فرصة قد لا تتكرر في المدى القريب لفرض الشروط الفلسطينية وإجبار " إسرائيل " على إطلاق سراح أبنائهم.
3سنوات فقط لشاليط و( 6072 ) عاما لقدامى الأسرى في سجون الاحتلال
وقال فروانة : إذا أتم بالأمس شاليط ( 3 سنوات ) في الأسر لدى المقاومة الفلسطينية بغزة ، فان الأسرى القدامى فقط ( 326 أسيرا ) المعتقلين منذ ما قبل اتفاقية أوسلو وقيام السلطة الوطنية الفلسطينية في الرابع من مايو / آيار 1994 ، والذين كان من المفترض أن يطلق سراحهم قبل خمسة عشر عاماً كاستحقاق لعملية السلمية ، قد أمضوا في سجون الاحتلال الإسرائيلي ما مجموعه ( 6072 ) سنة ، أضعاف ما أمضاه " شاليط " في الأسر ( 2024 ) مرة.
3 اعوام في ضيافة غزة و26 عاما في مقابر الأحياء
وأضاف بأنه إذا كان شاليط مأسوراً في ضيافة ( غزة ) منذ ( 3 سنوات فقط )، ولم يرَ أهله وأسرته وأصدقائه خلال فترة أسره، فإن أقدم أسير من غزة ( سليم الكيال ) مضى على اعتقاله في سجون الاحتلال ( 26 عاماً ونيف ) ولم يرَ ابنته الوحيدة منذ عشر سنوات وأفراد أسرته وأصدقائه منذ أكثر من ذلك بكثير ، وأن مجموع الأسرى من غزة ( 900 أسير ) لم يتمكنوا من رؤية أسرهم بشكل جماعي منذ ثلاثة سنوات ومنهم بشكل فردي منذ سنوات طويلة تصل إلى أكثر من عشر سنوات ، فيما الآلاف من الأسرى الفلسطينيين قد مضى على اعتقالهم أكثر من ( 3 سنوات ).
ورأى فروانة أنه من الظلم والإجحاف المقارنة ما بين معاناة شاليط ومعاناة آلاف الأسرى الفلسطينيين، الذين يعيشون في "مقابر للأحياء" سُميت بالسجون.
شاليط أشعل قضية الأسرى ولكن
وأوضح فروانة بأن قضية شاليط وبدون أدنى شك قد ساهمت بشكل كبير في تسليط الضوء على قضية الأسرى الفلسطينيين في سجون الإحتلال، ولكن الجهات والمؤسسات المعنية لم تستثمر ذلك بالشكل المأمول، ولا زالت غير قادرة على تسويق معاناة الأسرى والتأثير على المجتمع الدولي لإجباره على تغيير مواقفه ولو جزئياً.
انحراف في عمل المؤسسات الحقوقية
وفي السياق ذاته انتقد فروانة المؤسسات الحقوقية والإنسانية المحلية لا سيما في قطاع غزة، لإنشغالها منذ أسر شاليط وبشكل اتسع وازداد تدريجياً وبشكل واضح، بالإنتهاكات الداخلية في السجون الفلسطينية وإيلائها الأهمية الفائقة، على حساب الإنتهاكات في السجون الإسرائيلية، مما شكَّل انحرافاً خطيراً في عملها يستوجب تصويبه، على أن تكون الأولوية دائماً لصالح الإنتهاكات المنظمة بحق آلاف الأسرى في سجون الإحتلال وفضحها ، لاسيما وأنها تُمارس بشكل ممنهج وأضحت قاعدة ، لا استثناء كما هو حاصل على الساحة الفلسطينية.
مناشدة آسري شاليط
وفي هذه المناسبة جدد فروانة مناشدته لآسري الجندي شاليط بالحفاظ على حياته والاستفادة من تجربتهم الخاصة في احتجازه، والإستفادة من عمليات التبادل السابقة، والتركيز على النوعية أكثر من العدد خلال المفاوضات، ووضع الأسرى القدامى ورموز المقاومة على سلم أولوياتهم ومطالبهم بمن فيهم أسرى القدس والـ48 ، وأن أي عملية تبادل يمكن أن تتم خلافاً لذلك، هي عملية منقوصة وغير مقبولة، وستكون محط انتقاد، حيث لا يجوز لفصائل المقاومة وآسري شاليط تكرار أخطاء أوسلو والإتفاقيات السياسية التي سبق وانتقدها الجميع، متمنياً بأن تنجز هذه الصفقة في القريب العاجل وأن يغلق هذا الملف.
وذكر فروانة بأن هذه الصفقة لو تمت ستكون الأولى فلسطينياً – إسرائيلياً منذ ربع قرن وبالتحديد منذ مايو / آيار عام 1985، وبالتالي يجب أن تحقق ما لم تستطع العملية السلمية تحقيقه، وأن تفرض شروطاً عجزت عن فرضها العملية التفاوضية لتتكامل الأدوار لمصلحة تحرير الأسرى.