[size=16]في مطلع شهر نوفمبر الماضي قررت نقابة المحاميين الامريكيين ، في مؤتمرها السبعين ، والمنعقد في العاصمة واشنطن ، دعم الحملة من اجل اطلاق سراح القائد الوطني الفلسطيني الاسير احمد سعدات ومعه كل الاسرى الفلسطينيين من سجون الاحتلال الاسرائيلي . التصويت لصالح الحملة كان تقريبا جماعي ، وصل الى حوالي 600 عضو مؤيد للحملة مقابل 5 اصوات بين ممتنع ورافض ، الامر الذي أكد على وجود وعي عام داخل النقابة لضرورة تحمل المسؤولية ازاء قضية الاسرى الفلسطينيين وفضح الدور الامريكي في دعم الاحتلال وتورط واشنطن في رعاية جريمة اختطاف سعدات وتشريع اعتقاله والتدخل في الشؤون الفلسطينية الداخلية ، وكذلك للارتباط الوثيق بين قضية الامين العام للجيهة الشعبية وحق الشعب الفلسطيني في مقاومة الاحتلال ، وهو حق شرعي تحاول القوى المعادية للفلسطينيين ضربه بالقوة وبالقانون فضلا عن الدور التخريبي للصحافة الامريكية في تشويه صورة النضال الفلسطيني ومحاولة وسم الكفاح المسلح " بالارهاب " و" التطرف " ، لذلك ، فان قضية الامين العام للجبهة الشعبية تشكل مفصلا هاما في تناول قضية الاسرى ومدخلا طبيعيا لقضية المقاومة الفلسطينية والنضال من اجل نصرة الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة.
الاحتلال وسياسة الاغتيالات....
اعتقال سعدات ورفاقه المناضلين عاهد ابو غلمة وحمدي قرعان ومجدي الريماوي وباسل الاسمر ، كان في الواقع استهدافا للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين بشكل خاص وللمقاومة الفلسطينية بشكل عام . تبرير الاعتقال او الاختطاف ، كما هو معروف ، جاء على خلفية العملية الاستراتيجية التي نفذتها مجموعة فدائية تابعة للجبهة الشعبية قامت بتصفية الوزير الصهيوني العنصري رحبعام زئيفي في 17 اكتوبر عام 2001 ردا على اغتيال الجيش الاسرائيلي للامين العام السابق للجبهة الشعبية القائد ابو علي مصطفى . حدث ذلك بعد ان قرر مجرم الحرب ارئيل شارون والمجلس الوزاري الاسرائيلي المصغر اغتيال ابو علي مصطفى باطلاق صاروخين على مكتبه برام الله يوم 27 اغسطس عام 2001 . تلك الجريمة النكراء كانت " بداية " لسلسة طويلة من عمليات الاغتيالات أو ( حكم الاعدام الاسرئيلي ) بحق قادة المقاومة الفلسطينية وكوادرها ، وقد وصل الامر حد اعلان اسرائيل عن قوائم علنية لاسماء فلسطينيين تنوي اسرائيل اعدامهم نشرتها فعلا في الصحافة !
وقامت بالتنفيذ دون اي رادع ، وسط حالة مقززة من الاحتضان الرسمي والحزبي لسياسة الاغتيالات من كل الاحزاب الصهيونية.
سابقة خطيرة ...تعاون امني ..وفشل.
مثل اعتقال سعدات ورفاقه ، على يد اجهزة الامن الفلسطينية ، سابقة خطيرة في تاريخ المقاومة الفلسطينيية المعاصر وفي العلاقة بين السلطة الفلسطينية والجبهة الشعبية من جهة اخرى . لم تكن المرة الاولى التي تقوم فيها الاجهزة الامنية الفلسطينية باعتقال سعدات وكوادر من الجبهة الشعبية وغيرها من قوى الانتفاضة والمقاومة . ففي الاعوام 95 و 96 و 97 ، تعرض سعدات الى الاعتقال السياسي في اطار ما يسمى بسياسة التعاون الامني بين السلطة الفلسطينية واسرائيل وفق ما نص عليه اتفاق اوسلو في العام 1993 . وكانت السلطة تقوم بذلك تنفيذا لشروط اسرائيلية وامريكية ، لكنها بالتاكيد ، كانت المرة الاولى التي تشارك فيها طواقم امنية امريكية بشكل علني في عملية التامر والتخطيط والاعتقال ومحاولة استغلال احداث 11 سيبتمبر لتشريع عمل اجهزة امنية خارج حدود الدولة بحجة " الحرب على الارهاب " . وكانت المرة الاولى التي يعود فيه الاستعمار البريطاني لفلسطين بعد العام 1948 للمشاركة في " حراسة سجن اريحا " ، ورغم كل ذلك ، لم توقف قوات الاحتلال الاسرائيلية عمليات الاجتياح للمدن الفلسطينية ولم ترفع حصارها عن مقر المقاطعة الفلسطينية برام الله . ولا داع للتذكير بما حل بالرئيس الفلسطيني ياسر عرفات نفسه وما جرى من احداث بعد ذلك في سجن اريحا!
تتحمل ادارة جورج بوش مسؤولية مباشرة عن ضحايا حرب الاغتيالات الاسرائيلية التي طالت اكثر من 700 شهيد فلسطيني منذ اندلاع الانتفاضة الفلسطينية في 28 سيبمتبر 2000 وما تتركه عمليات الاغتيال ( بالاسلحة الامريكية ) من عشرات الشهداء والضحايا من المواطنين والاطفال الفلسطينيين كما حدث في عملية قصف " حي الدرج " بقطاع غزة ، اثناء عملية اغتيال صلاح شحادة احد القادة العسكريين لحركة المقاومة الاسلامية – حماس ، وما خلفته تلك العملية – المجزرة من ضحايا بين السكان ، اكثرهم من الاطفال والنساء . قتلتهم اسرائيل وهم نيام في بيوتهم بعد ان قامت طائرة حربية بالقاء قنبلة زنتها 1000 كيلو على مبني سكني في حي مكتظ بالسكان واللاجئين الفلسطينيين. الادارة الامريكية التي تزود اسرائيل بمواد وادوات القتل لا تكتفي بهذا الدور الدموي بل تغطي ما تقوم به اسرائيل في كل المؤسسات الدولية وفي الداخل الامريكي على حد سواء.
لا قانون شرعي في ظل الاحتلال...
يقبع الامين العام للجبهة الشعبية في سجن اسرائيلي منذ 14 اذار عام 2006 بدون " لائحة اتهام " او " وثيقة ادانة " حتى وفق المنطق الاسرائيلي نفسه ، فالمحكمة الاسرائيلية اسقطت تهمة " ضلوع سعدات في قتل الوزير الاسرئيلي " لعدم وجود ادلة او اعتراف واية صلة وعلاقة له بعملية 17 اكتوبر . ورغم ذلك لا تتوانى مؤسسة الاحتلال وحتى الصحافة الاسرائيلية من الاشارة له بالمسؤولية عن العملية خلافا للواقع ولقرار المحكمة نفسها . مع ذلك ، تواصل قوات الاحتلال اعتقال سعدات وتقوم عن قصد بتأجيل محاكمته لكسب الوقت وادامة القضية مفتوحة ولاطول فترة ممكنة . ورغم مطالبة عشرات المؤسسات الحقوقية الفلسطينية والدولية بالافراج الفوري عنه دون تاخير او مماطلة. وتتحمل السلطة الفلسطينية مسؤولية مضاعفة في هذه القضية ، لارتكابها جريمة الاختطاف واستقدام طواقم امريكية وبريطانية لاحتجاز المعتقلين في سجن اريحا وعدم تنفيذ قرار محكمة العدل العليا الفلسطينية القاضي بالافراج الفوري عن سعدات وتبرير كل ما قامت به بحجة " حماية سعدات " من الاعتقال او الاغتيال !
إن قراءة سريعة للمرافعة التاريخية التي قدمها الامين العام للجبهة الشعبية في محكمة يوم / 14 – يناير – 2007 ، يدرك المرء ان المستهدف من المحاكمة ، من منظور صهيوني ، هو الموقف السياسي الذي عبر عنه سعدات وتلك القيم التي يمثلها والاهداف التي يناضل من اجل تحقيقها. ففي تلك المرافعة الشهيرة ، اكد سعدات على ان الصراع مع المشروع الصهيوني الامبريالي في المنطقة هو صراع ضد الاستعمار والاحتلال وان جوهر النضال الفلسطيني هو التحرر من هذا الاحتلال . ودافع عن شرعية وحق المقاومة واستند الى عدالة القضية الفلسطينية وايمانه المطلق بحقوق شعبه ، واخيرا ، قال بكل وضوح للاسرائيليين : المدخل لانهاء الصراع التاريخي بين الفلسطينيين والاسرائيليين ممكن ، باستعادة الحقوق الفلسطينية المشروعة وفي مقدمتها حق عودة اللاجئين الى ديارهم ووطنهم وتشييد دولة فلسطين الديموقراطية على كامل التراب الفلسطيني وصولا لمجتمع حضاري يكفل المساواة والعدالة والحقوق للجميع .
* مقررة لجنة الشرق الاوسط في نقابة المحاميين الامريكيين وعضو لجنة الدفاع عن سعدات.[/size]