رمال السماء شاعر المنتدى
. : عدد المساهمات : 8766 العمر : 39 المدينه : عزون الوسام : نقاط : 15332 تاريخ التسجيل : 15/05/2008
| موضوع: بكاء طفل / مي زيادة الأحد 29 نوفمبر - 14:40:03 | |
| سمعت الطفل يبكي ورأيت العبرات تتحدر على وجنتيه الورديتين, فكانت تلك اللآلئ الذائبة جمرات نار تكويني.
ظل الطفل يبكي ودلائل العجز واليأس بادية على محياه الوسيم. ظل يبكي بكاءَ متروك منفرد لا يحبه في الدنيا أحد. الطفل الحبيب يبكي فكيف أعيد التألق إلى عينيه? كيف أسمع في ضحكته صدى أصوات الملائكة مرة أخرى?
***
فدنوت منه متوسلة, وضممته إليّ بذراعي التي لم تضم يومًا أخًا أو أختًا صغيرة, وأجلسته على ركبتي حيث لا يجلس سوى الأطفال الغرباء, ورفعت عقارب شعره عن جبهته الطاهرة بيد ترتجف كأنما هي تلمس شيئًا مقدسًا.
... ثم وضعت على تلك الجبهة شفتيَّ ساكبة في قبلة كل ما يحوم في جناني من شفقة وانعطاف. ترى من ذا ينبه الانعطاف والشفقة بمقدار ما يفعل الطفل الباكي?
صمت الطفل حائرًا لأنه شعر بأن روحًا تناجي روحه. صمت هنيهة, ثم عاد فحدق فىَّ بعينين ملؤهما الحزن والتعنيف معًا. أتعرفون كيف تحزن عيون الأطفال? أتعلمون كيف تعنف أحداق الصغار? حدق فيَّ سائلاً عن أعز عزيز لديه, وقال بصوت هادئ كأصوات الحكماء: ماما, ماما!
***
صغيرك يناديك فلماذا لا تجيبين, يا أم الصغير? لست بالعليلة لأني رأيتك منذ حين تميسين بقدك تحت قبعتك, والجواهر تطوق العنق منك. أنت صحيحة الجسم, فلماذا لا تسرعين? ألا تحرقك دموع الطفل الذي لا ترين? ألا يوجعك الشهيق الذي لا تسمعين?
عودي من نزهاتك الطويلة, وزياراتك العديدة, وأحاديثك السخيفة. عودي واركعي أمام الصغير واستميحيه عفوًا.
لقد خلقت امرأة قبل أن تكوني حسناء, وكيفتك الطبيعة أمًّا قبل أن يجعلك الاجتماع زائرة.
تعالي أسجدى أمام السرير, سرير الصغير!
اسجدي أمام هذا المهد الذي لعبت بين ستائره طفلة, وحلمت به فتاة, وانتظرته زوجة, فما خجلت أن تهمليه أمّا.
اسجدي أمام المهد, فإن المهد محجتك القصوي!
اسجدي أمام السرير, ولا تدعى رب السرير يبكي لئلا تملأ قلبه مرارة الوحدة, حتى إذا شب رجلاً تحولت المرارة كرهًا وصرامة.
اسجدي أمام السرير وناغي الصغير! إن دموع الأطفال لأشد إيلامًا من دموع الرجال | |
|
ريحانه فلسطين ((((((((المتميزون))))))))
عدد المساهمات : 4322 العمر : 36 المدينه : نابلس الوسام : نقاط : 14055 تاريخ التسجيل : 23/10/2008
| موضوع: رد: بكاء طفل / مي زيادة الأحد 29 نوفمبر - 21:44:29 | |
| ليالي العصفورية ! أو ...مي زيادة في مستشفى المجانين
بقلم:نوال مصطفى*
ربما قليلون فقط يعرفون أن مي زيادة عانت الكثير وقضت بعض الوقت في مستشفى المجانين...وبذلك يمكن القول مع الاستاذة نوال مصطفى أن :الفصل الأخير في حياة مي كان حافلاً بالمواجع والمفاجآت! فصل بدأ بفقد الأحباب واحداً تلو الآخر .. والدها عام 1929 . جبران عام 1931 . ثم والدتها عام 1932 .
وعاشت مي صقيع الوحدة .. وبرودة هذا الفراغ الهائل الذي تركه لها من كانوا السند الحقيقي لها في الدنيا . وحاولت مي أن تسكب أحزانها على أوراقها وبين كتبها .. فلم يشفها ذلك من آلام الفقد الرهيب لكل أحبابها دفعة واحدة .
فسافرت في عام 1932 إلى انجلترا أملاً في أن تغيير المكان والجو الذي تعيش فيه ربما يخفف قليلاً من آلامها .. لكن حتى السفر لم يكن الدواء .. فقد عادت إلى مصر ثم سافرت مرة ثانية إلى إيطاليا لتتابع محاضرات في جامعة بروجية عن آثار اللغة الإيطالية .. ثم عادت إلى مصر .. وبعدها بقليل سافرت مرة أخرى إلى روما ثم عادت إلى مصر حيث استسلمت لأحزانها .. ورفعت الراية البيضاء لتعلن أنها في حالة نفسية صعبة .. وأنها في حاجة إلى من يقف جانبها ويسندها حتى تتماسك من جديد .
وجلست مي المليئة بالشفافية وحسن النية بالبشر تكتب إلى ابن عمها الدكتور جوزيف في لبنان وتخبره بحالتها ..
وقالت مي في خطابها للدكتور جوزيف:
عزيزي جوزيف ...
منذ مدة طويلة لم أعد أكتب . وكلما حاولت ذلك شعرت بشيء غريب يجمد حركة يدي ووثبة الفكر لدي .
إني أتعذب شديد العذاب يا جوزيف , ولا أدري السبب , فأنا أكثر من مريضة , وينبغي خلق تعبير جديد لتفسير ما أحسه فيّ وحولي . أني لم أتألم أبداً في حياتي كما أتألم اليوم , ولم أقرأ في كتاب من الكتب أن في طاقة بشري أن يتحمل ما أتحمله . وددت لو علمت السبب على الأقل . ولكنني لم أسأل أحداً إلا وكان جوابه : لا شيء , إنه وهم شعري تمكن مني .
لا , لا , لا , يا جوزيف . إن هناك أمراً يمزق أحشائي ويميتني في كل يوم , بل في كل دقيقة. لقد تراكمت عليّ المصائب في السنوات الأخيرة وانقضَّت عليَّ وحدتي الرهيبة – التي هي معنوية أكثر منها جسدية – فجعلتني أتساءل كيف يمكن عقلي أن يقاوم عذاباً كهذا . وكان عزائي الأوحد في محنتي هذه مكتبتي ووحدتي الشعرية , فكنت أعمل كالمحكومة بالأشغال الشاقة لعلي أنسى فراغ مسكني , أنسى غصة نفسي , بل أنسى كل ذاتي .
إنه ليدهشني حقاً كيف أني استطعت أن أكتب هذه الرقيمة . ولعل الفضل في هذا يعود جزئياً إلى اللفائف التي أدخنها ليل نهار – أنا التي لا عهد لي بذلك – أدخلتها لتضعف قلبي , هذا القلب السليم المتين الذي لا يقاوم ...
واسلم لابنة عمك ماري
وتعطي مي – بكل أسف المفتاح لابن عمها ليفتح عليها نار جهنم بهذا الخطاب الذي كتبته في لحظة ضعف تستنجد بأقرب من بقي لها في الدنيا .. على قيد الحياة .
يعرف الدكتور – ابن العم – بأن مي تنوي التبرع بمكتبتها النفيسة إلى الأمة المصرية بعد وفاتها عرفاناً منها بفضل مصر عليها .. كما أرادت أن تهدي النسخ المزدوجة من كل كتاب إلى الأمة اللبنانية .. وبدأت فعلاً تبحث عن المحامين لوضع هذه الوصية في سياق قانوني. فما كان من الأقارب الذين تحولوا في هذه الحالة إلى "عقارب" إلا أن أرسلوا إلى " مي" من يجمع المعلومات عنها .. وعن وضعها المالي وأملاكها في مصر!
ثم جاءها ابن عمها من لبنان بعد وفاة زوجته التي كانت مريضة.. وطلب منها أن تصحبه إلى لبنان لتغير جو الكآبة الذي تعيش فيه .. ووعدها بأن الدفء والناس الذين يحبونها في لبنان سيعوضونها عن فقد الأحباب ومشاعر الوحدة التي تعيشها في مصر بعد الحياة المليئة التي كانت تعيشها كنجمة في سماء الأدب.
وتحكي مي بنفسها ما حدث لأمين الريحاني أحد أصدقائها المقربين .. الذين وقفوا معها في هذه المحنة الكبرى في حياتها .. فتقول:
كان ابن عمي يحيك لي الدسائس وينصب لي الفخ وهو يظهر بمظهر الصديق الوفي والأخ البار . يراسلني من حين إلى حين فأرد على رسائله بسرور . ولما سألته الحضور إلى مصر . رد عليّ بخطاب كله عطف واهتمام ووعدني بالحضور عند تحسن صحة زوجته . على أن زوجته توفيت بعد قليل ولم يطل حتى جاء مصر . أليساعدني ويخفف من مصيبتي؟ هذا ما يزعمه . على أن الحقيقة هي أنه هرع ليستكشف أعمالي وماليتي ويقف على كل شيء في حياتي . وكان أنه خاطبني برقته المألوفة في تعيينه وكيلاً عني ليخدمني ويطمئن بالي.
فأجبت بأن لا أملاك لي في مصر وأن أعمالي المالية منظمة تنظيماً لا يحوجني إلى مساعدة أحد . فألح وقال فكري في هذا إكراماً لي . قلت : سأفعل وإن لم يكن هناك ما يدعو إلى التفكير.
وبعد هذا الكلام بيوم واحد جاءني مع رجلين من انسبائه كانا يلازمانه في بيتي وفي الخارج طول مدة إقامته بمصر يتبعهم باشكاتب محكمة عابدين ووكيله على ما قيل لي . وفتح الباشكاتب دفتراً كبيراً جداً وسحب الدكتور جوزيف من جيبه قلمه الحبر وقدمه لي طالباً أن أوقع في الدفتر . وأي تأثير سيطر علي في تلك الساعة ؟ كيف لم أعجب لمجيء الباشكاتب دون أن استدعيه وكيف لم أرفض التوقيع ؟ لست أدري.
بحركة ميكانيكية تناولت القلم ورفعت نظري إلى الباشكاتب استفهم عن المكان من الدفتر الذي اكتب فيه اسمي . فنظر إلي نظرة طويلة كأنما هو عالم بما سيجره علي هذا التوقيع من المصائب . ثم أشار إلى مكانين اثنين فوقعت مكرراً , مي زيادة , وتحته ماري جبران . وأخذوا بعدئذ يعدون الحقائب للسفر وأنا أعلن بثبات إني لا أترك البيت ولا أغادر مصر .
فقال الدكتور أن البيت يبقى على ما هو وكل شيء فيه في مكانه ريثما أعود من لبنان بعد شهرين. فإنما ما أحتاج إليه على قوله هو تغيير الهواء وتغيير المحيط .
وفي لبنان لا أكون وحدي , بل يحيط بي أعضاء عائلتي الذين سينسيني حنانهم ومحبتهم إني وحيدة وإني حزينة . وأقسم الدكتور بأولاده وبشرفه أن يردني إلى مصر حتى بعد أسبوع واحد فيما لو صارحته برغبتي في ذلك .
وتكمل مي من قصتها الباكية .. بعد سنوات المجد والشهرة .. فتقول:
أخرجوني من بيتي قبل الساعة الرابعة بعد الظهر وأوصلوني إلى مكاني في القطار وغابوا عني فبقيت جالسة حتى عاد الدكتور والرجلان الآخران . وعندئذ قام القطار إذ نحن في منتصف الساعة السادسة . ومنذ الأسبوع الأول في بيروت ذكرت الدكتور بوعده وقلت إني أرغب في الرجوع إلى بيتي . فطيب خاطري .. وأبقاني عنده شهرين ونصف شهر على مضض مني وأنا أطالبه بالعودة . حتى استكمل برنامجه في أمري , فأرسلني إلى " العصفورية".
كيف حدث هذا؟ كيف وضعت الأديبة العربية النابغة في مستشفى الأمراض العقلية بلبنان .. وهي واحدة من أندر العقول العربية وأبدعها .. تعالوا نسمع من مي الحكاية !
جاء الطبيب المعالج في " العصفورية" مستشفى الأمراض العقلية – تصحبه ممرضة - وكانت تلك في تاريخ العصفورية أول مرة خرج فيها طبيب إلى بيت مريض ليحمله إلى " المارستان" . وعندئذ حنان أقاربي ووفائهم وحرصهم على صحتي وكرامتي , كلها ظهرت في أجلى المظاهر إذ كتفني طبيب العصفورية بجاكت المجانين تساعده الممرضة ونفحني بإبرة مورفين بساقي وأنا أصيح من فرط الوجع وأستغيث .
واه يا بيروت ؟ كيف احتملت أن أجتاز شوارعك في ذلك الموكب المشين الأليم ؟ كيف احتملت الدموع التي سكبتها في تلك السيارة وأنا بين ذلك الطبيب وتلك الممرضة أشعر بوحدة رهيبة في الدنيا وأرى القدر المروع المعد لي دون أن أدري لماذا ؟
بحجة التغذية وباسم الحياة ألقاني أولئك الأقارب في دار المجانين أحتضر على مهل وأموت شيئاً فشيئاً . لست أدري إذا ما كان الموت السريع هيناً . أما الموت البطيء طيلة عشرة شهور وأسبوع من التغذية القهرية تارة من الفم بتقطيع لحمة الأسنان وطوراً من الأنف بواسطة التبريح ليصب ما يصب من الداخل نزولاً إلى الحلق فالصدر . فذلك موت لا أظن أن إنساناً يحتمل الإصغاء برباطة جأش إلى وصفه . ومع ذلك فكان أقاربي في زيارتهم النادرة يستمعون إليّ بسرور وأنا أصف نكالي وشقائي راجية منهم عبثاً أن يرحموني ويخرجوني من العصفورية .
وأهملوني هنالك لا سلوى ولا تعزية . وكان الدكتور يزعم إني سأموت جوعاً إذا ما أخرجني من العصفورية إلا أنه اضطر إلى نقلي إلى مستشفى ربيز فوصلته شبحاً . فإذا بهم هنا يستعملون في تغذيتي القهرية الملقط الحديدي الخاص بالعمليات الجراحية مما لا تفلح معه مقاومة . نقلوني إلى هذا المستشفى أقيم أياماً ريثما يعد لي منزل أسكنه لأنه ليس معقولاً أن يقطن الإنسان بالمستشفى طول حياته ولأن قلبي يحترق على الإقامة في منزل لي كسائر الناس , على أن البيت المزعوم لم يعد لي في عشرة شهور . كما جاءوا بي أصطاف في لبنان شهرين وما زلت أصطاف في قلب الشتاء وبعد اثنين وعشرين شهراً .
وجاء الفرج أخيراً بعد عامين من أقسى العذاب . جاء الفرج على يد الصحافة والصحفيين من أبناء مهنتها .. فقد كانت قضية إدخال مي زيادة مستشفى الأمراض العقلية " العصفورية" هي حديث الصحف والموضوع الذي يحتل مساحة كبيرة من اهتمام القراء في بيروت والقاهرة وأيضاً في بلاد المهجر . وشنت جريدة " المكشوف" حملة كبيرة حول هذا الموضوع .. وتابعت قصة مي خطوة بخطوة حتى استطاعت في عام 1938 أن تكشف المؤامرة ونشرت في الصفحة الأولى :
وأخيراً استطاع " المكشوف" أن يلفت أنظار الأدباء ورجال القضاء إلى المؤامرة التي وقعت الأديبة مي في شباكها , بفضل حملة قام بها في هذا السبيل دامت أربعة أشهر .
وقد لاقى "المكشوف " من أجل الكشف عن هذه الدسيسة ما تلاقيه كل صحيفة حرة من تهديد ووعيد . فقد اتصل أمر الدسيسة بالنيابة العامة عن طريق مكتب الاستاذين حبيب أبو شهلا وبهيج تقي الدين وكيلي الآنسة مي فأجرت تحقيقاً في الحجر على حرية الأديبة الكبيرة وأمرت بنقلها إلى المستشفى الأمريكي حيث تعيش في جو مشبع بالعطف , بعيد عن كل ضغط , وحيث زارتها لجنة من الأطباء لتقرير مصيرها . فكان تقريرهم في غير مصلحة المغرضين .
وقد لفتت الضجة التي أثرناها حول مأساة مي الصحف اليومية الكبرى , فراحت تتحدث عن تطورها حديثاً مما سيكون له أثره الطيب في إنقاذ مي من محنتها ولو أنه جاء متأخراً .
وفي مقدمة هذه الصحف الزميلتان " الحديث" و " صوت الأحرار" اللتان ننقل عنهما بعض ما نشرناه في هذا الصدد :
حديث الكاتب الصحفي سعيد فريحة .. ونشر في جريدة " الحديث" ببيروت .. وهذا نصه .
بدأت مي تتكلم بلغة فصحى ممزوجة باللهجة المصرية , وبطلاقة لسان مدهشة . وأوقع شيء في النفس كان صوتها العذب , وإخراجها الكلمات هادئة بنبرات موسيقية حزينة .
قالت : أردتم أن أكلمكم بصراحة عن سبب كرهي لرجال القانون , نعم أنا أكرههم لأني لم أغادر مصر , ولم يؤت بي إلى لبنان , ولم أدخل إلى العصفورية , إلا بفضل القانون ورجال القانون , بل أنا صرت مجنونة قانوناً.
وأما الأطباء هؤلاء الذين يؤتمنون على أرواح الناس , هؤلاء الذين ينحنون على أسرة السماء , هؤلاء الذين يقسمون اليمين على السير في طريق الشرف والكرامة والاستقامة , وعلى تخفيف محن الناس , وويلات الإنسانية , هؤلاء الأطباء أكرههم لأني صرت مجنونة طبياً ووقعت في شرك المؤامرة بفضل الطب والأطباء .
بقي الصحافيون , وكرهي لهؤلاء أشد , يوم نشروا خبر جنوني , وأوجدوا عند الناس في الشرق وفي الغرب فكرة بل اعتقاداً بأن مي مجذوبة , ولو أن إساءتهم لي اقتصرت على ذلك لهان الأمر , ولكن هناك ما هو أمر وأفظع. أنا صحافية , وبنت صحافي , ولقد كان على الصحافيين في لبنان , إن لم يكن إكراماً لي بل إكراماً لوالدي , أن يبدوا شيئاً من الواجب نحو زميلهم , ابنة زميلهم , أن يسألوا عنها أو يقوموا بزيارتها عندما سمعوا بخبر عنها لمعرفة ما في هذا الخبر من الصحة .
إنكم معشر الصحافيين تتحرون الحقيقة في كل مكان . إنكم تهتمون بالرجال وما يقولون النساء وما يلبسن , إنكم تبحثون أحياناً عن أتفه المواضيع وتخرجونها إلى قرائكم , أنتم يا زملائي وزملاء والدي لم يوجد أحد يسأل عن " مي" ويتحرى حقيقة جنونها , فلا يوجد واحد بينكم يفكر بزيارة هذه الأديبة الصحافية , النابغة التي تخنق الأطفال وتكسر الحديد !!
وقد تقولون إن هذا الذي أشيع عني كان كحقيقة راهنة عندكم , فلم تشأوا زيارتي حتى لا تحزنوا على مصيري .. قد يكون ذلك صحيحاً . ولكن هذا الاعتقاد وتلك " الشفقة" لا ينبغي أن تضع حجاباً من الإهمال والنسيان بين الصحافيين والأدباء وبين زميلتهم " مي" .
إن " مي " لا أهل لها . إن أبي وأمي وأهلي هم الصحافيون هم الأدباء , هم رجال القلم , أفما كان يجدر بكم أن تحيطوني ببعض العناية عسى أن تخففوا عني وطأة الجنون أنا التي أكسر الحديد , وأخنق الأطفال .
أين رجال الأدب في لبنان ؟ أين رجال القانون ؟ أين الجمعيات النسائية ؟ أين نصيرات المرأة ؟ ألم يوجد بينهن واحدة تدافع عني أنا التي قضيت السنين الطوال أدافع عن حق المرأة , ووقفت قلمي على خدمة بنات جنسي , ورفع مستواهن ورد الظلم عنهن ؟
أجل , أين هؤلاء وأولئك ؟ بل أين لبنان , لبنان الذي طويت ضلوعي على حبه , لبنان الذي تغنيت في الجرائد والكتب والمجلات ومن فوق المنابر , بجماله , بجباله , ببنيته , لبنان الذي ما حلت به محنة إلا انهمر الدمع من عيني , لبنان هذا لم يوجد فيه واحد يبكي على محنتي التي انطوت على محن كثيرة .
تلك هي مكافأة لبنان لابنته مي : إهمال مفجع , وتغاض مخجل عن أحط مؤامرة جاءت بي من مصر , وألقتني مدة سبعة شهور في العصفورية أتفرج في النهار على مواكب النساء العاريات , أسمع ألفاظاً ما كنت أعلم بأنها موجودة وإن في البشر من يتلفظ بها , وأسمع في الليل عواء الذئاب وأصوات ابن آوى . أسمع وأرى كل هذا وليس هناك من يسمع صوتي , أو يرى محنتي فيبادر إلى إنقاذي .
سبعة أشهر قضيتها في " العصفورية" في لبنان على هذه الحال , وفي تلك الغمرة من الألم واليأس والعذاب , دون أن يهتز عرق بالشفقة أو لسان بالسؤال .. ولهذا اسمحوا لي أن أقول بكل ألم , وبكل أسف وخجل أيضاً إني كنت أردد , وأنا على تلك الحال , في كل يوم وفي كل ساعة : لعنة الله على لبنان ..
وهكذا بكت " مي" بكاء ممزوجاً بالألم والحقد ثم مدت يدها إلى تحت الوسادة فأخرجت منديلاً ومسحت به دموعها , وبعد أن سكنت آلامها قليلاً استأنفت الكلام فقالت :
- نعم لقد كنت ألعن وطني , وعندما يلعن المرء من يحب يكون الألم واليأس قد يرحا به , ولكن هل يكفر لبنان عن إساءته إلى " مي" ؟ وهل يعيد إلى ضلوعها أقدس ما كانت تنطوي عليه وهو حبها للبنان ؟!
أنا امرأة قضيت حياتي بين قلمي ودواتي وكتبي ودراساتي , وقد انصرفت بكل تفكيري إلى المثل الأعلى , وهذه الحياة " الايدياليزم" التي حييتها جعلتني أجهل ما في هذا البشر من دسائس ومحاولات , أجل كنت أجهل الدسيسة , وتلك النعومة التي يطهر بها بعض (؟) الناس ويخبئون السم القتال , ولو كنت على معرفة بهذا النوع من أخلاق الناس لكنت قاومت الدسيسة بمثلها , وقاومت المحاولة بمحاولة , ولما كان قادني حسن ظني إلى الاستسلام , والاطمئنان , أو بالأصح إلى هذه المحنة التي لا يمكن أن يكون أن يكون التاريخ الإنساني طوى على أوجع وأفظع منها .
ويكتب سامي الكيالي في مجلة " الحديث" صورة ناطقة لـ "مي" بعد خروجها من مستشفى " ربيز" لتقيم في منزل برأس بيروت حيث التف حولها بعض من صمد من الأصدقاء القدامى وقلة من أصدقاء كسبتهم في محنتها ومن هؤلاء الأصدقاء : أمين الريحاني والنحات ويوسف الحويك والسيد حسين إدريس والسيد الخوري والشيخ فؤاد حبيش والأميرتان سامية وزهراء الجزائري والدكتور منصور فهمي ولطفي حيدر وفليكس فارس وسامي الكيالي ..
وكتب سامي الكيالي .. يقول :
- ولولا هذا الشحوب البادي في وجهها , وهذا الشيب الذي دب في شعرها , وهذا الجرس الحزين الذي ينساب من ثنايا حديثها لما تغيرت عليّ صورة " مي" الشاعرة الأديبة الموسيقية .. وهي في صالونها الأدبي في مصر تستقبل زوارها من الساسة والعظماء والأدباء .
لقد ضمت جلستنا هذه الأديب والمحامي والفنان والطبيب ودارت شتى المناقشات في أدق المسائل وأعمقها في الأدب والتاريخ , في الحياة والإنسان , وقد تباينت الآراء , فكانت " مي" -علم الله – هي التي تقرب بين وجهات النظر وتقول كلمتها الهادئة المتزنة بعد أن تأتي بالمثل تلو المثل , وبالفكرة تلو الفكرة , فمن قصة أدبية إلى ظاهرة اجتماعية , إلى رأي بهذا يناقض ذاك إلى أن تهدأ ثورة الجدل .
نعم كانت في هذه الجلسة أشبه بالمعلمة الكبرى تهدي تلاميذها إلى مواطن الصواب بإسلوب أخاذ وآراء منسجمة وبيان غاية في الدقة والروعة .. صفاء ذهن وزكاوة نفس وحس عميق وإشراقة تفكير ودعابة ناعمة حيث تدعو الدعابة , وجد حيث يدعو الجد , هذه هي "مي" التي اختلف الناس في يقظة وعيها وصحة عقلها وانتهى أمرها إلى المحاكم !
ولولا هذه الجلسة الممتعة لتركت بيروت وأنا أشد الناس إيماناً بجنون "مي" ! مشكور رمال حبيت اعرف مين مي زياده لاني سامع فيها بس ما بعرف هيه شو وانا ببحث لقيت هاي المعلومات ايضا اتمنى انكم تستمتعو بقراتها لاني بجد معلومات حلوه تحياتي تقبل مروري حسن | |
|
سفير الحب عضو ((محترف))
عدد المساهمات : 245 العمر : 36 المدينه : عزون الوسام : نقاط : 12005 تاريخ التسجيل : 10/07/2008
| موضوع: رد: بكاء طفل / مي زيادة الخميس 10 ديسمبر - 14:17:51 | |
| | |
|
رمال السماء شاعر المنتدى
. : عدد المساهمات : 8766 العمر : 39 المدينه : عزون الوسام : نقاط : 15332 تاريخ التسجيل : 15/05/2008
| موضوع: رد: بكاء طفل / مي زيادة الخميس 10 ديسمبر - 19:15:25 | |
| | |
|
عاشقة الاحزان نجمة المنتدى
عدد المساهمات : 5243 العمر : 38 المدينه : غزه الوسام : نقاط : 12948 تاريخ التسجيل : 07/03/2008
| موضوع: رد: بكاء طفل / مي زيادة الخميس 10 ديسمبر - 20:52:26 | |
| يعطيك الف عافية اخى حسون | |
|
رمال السماء شاعر المنتدى
. : عدد المساهمات : 8766 العمر : 39 المدينه : عزون الوسام : نقاط : 15332 تاريخ التسجيل : 15/05/2008
| موضوع: رد: بكاء طفل / مي زيادة الخميس 10 ديسمبر - 21:02:36 | |
| | |
|
رمال السماء شاعر المنتدى
. : عدد المساهمات : 8766 العمر : 39 المدينه : عزون الوسام : نقاط : 15332 تاريخ التسجيل : 15/05/2008
| موضوع: رد: بكاء طفل / مي زيادة الخميس 10 ديسمبر - 21:16:39 | |
| | |
|
عاشقة الاحزان نجمة المنتدى
عدد المساهمات : 5243 العمر : 38 المدينه : غزه الوسام : نقاط : 12948 تاريخ التسجيل : 07/03/2008
| موضوع: رد: بكاء طفل / مي زيادة الخميس 10 ديسمبر - 21:19:07 | |
| | |
|