الجبهة الشعبية.....في ذكرى انطلاقتها
11-12-2009 - 11:56
بقلم: بهاء رحال
الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين هي ثاني اكبر الأحزاب الفلسطينية المنطوية في إطار منظمة التحرير الفلسطينية الوطن المعنوي للفلسطينيين أينما كانوا وأينما وجدوا، وقد ساهمت في بنائها وتطوير أدائها بشكل أساسي ومباشر وقامت برفدها بالطاقات الفكرية والنضالية حتى أصبحت ذات حضوري قوي ومؤثر فيها ، الجبهة الشعبية والتي تصادف ذكرى انطلاقتها الثانية والأربعون هذه الأيام حيث عملت منذ انطلاقتها الى جانب حركة التحرر الفلسطينية واستطاعت خلال فترة زمنية وجيزة من فرض نفسها بقوة وتمكنت من جمع وتنظيم اكبر عدد ممكن من الشباب المثقف المنتمي ، المتمكن والمؤمن بالأفكار الوطنية والتقدمية فكراً ونهجاً وممارسة وقدمته الى فلسطين ثوباً احمراً جميلاً منقى بنقاء الخالدين في عليائهم على طريق العودة والتحرير والبناء ، لتحتل بذلك الصفوف المتقدمة وتصبح ثاني اكبر فصيل فلسطيني فاعل على الساحة الفلسطينية لما قامت به من بطولات وتضحيات سطرت تاريخها الوطني والإنساني واتخذت من تحرير فلسطين هدفاً وتعالت على الخلافات والاختلافات وأبدعت في المحافظة على النسيج الاجتماعي الداخلي وحافظت على الهوية الفلسطينية نقية متحدة بحكمة امتلكتها من حكيم الثورة ومؤسس الجبهة الشعبية الشهيد الدكتور جورج حبش الذي استطاع بحكمته أن يحافظ على البيت الفلسطيني موحداً واسقط أي انقسام على أطرافه في فلسفة وطنية وثقافية مكنت من أن تحافظ فلسطين على حضورها القوي المتحد والتصدي لكل محاولات الانقسام والشرذمة التي حاول الكثير من الطامعين بالقرار الفلسطيني أن يجعلوه أسيراً لهم وان يتأرجحوا بين فصائل العمل الوطني الفلسطيني إلا أن الجبهة الشعبية كانت قد امتلكت قيماً وطنية وإنسانية كبيرة مكنتها من الوقوف أمام كل التحديات والانشقاقات التي تعرضت لها بالمحافظة على خطها الوطني بوصلة لا تتغير أو تتبدل ونهجاً طليعياً مشرقاً ، وقد قدمت كوكبة من قادة الصف القيادي الأول شهداءً ومعتقلين خلف القضبان ولم تبخل على فلسطين فكان أبوعلي مصطفى ضميراً حياً وصوتاً لا يموت ، ظل أقوى من صواريخ الاحتلال بحضوره وفكره وعطاءه ، وكان احمد سعدات شعاع نور ورجل الأبجديات الأولى في المعتقلات وفي ميادين العمل الجماهيري ، كما وديع حداد رجل امني من الطراز الأول ومبتكر لأدوات النضال بشكلها المؤثر وآخرون كثر رفقاء في الدرب ومشوار التحرير والعودة الى فلسطين.
فكراً جميلاً حمل فلسطين بشكل تقدمي مؤمن بالطليعة الفكرية والنضالية وضرورة انخراطها بشكل جماعي مباشر في عملية التحرير وخوضها لمعركة العودة بحكمة ، وكأن النسور تعود الى الوطن حاملةً معها بشارة التحرير والانتصار والأمل وتنامي روح الوطنية الفلسطينية بين صفوف الجماهير وبخاصة الطليعة منها التي تقع على عاتقها قيادة الجماهير لخوض عملية التحرير وتجسد الوحدة والولاء للوطن والولادة من جديد بعد عمليات التهجير ألقصري واللجوء في المنافي والشتات ، حيث عملت على ذلك من خلال السنوات أل 42 التي مرت منذ انطلاقتها وقد حافظت على نسق نضالي متميز وديمقراطي والتزمت بديمقراطية غابة البنادق لعقود طويلة من منطلق حرصها الشديد على وحدة القضية التي تأتي من خلال وحدة الشعب وتمكينه وتنمية قدراته وتعزيز صموده وتثقيفه لزيادة إدراكه بكافة القضايا التي تدور من حوله ليكون قادراً على تحقيق أهدافه التي يسعى لتحقيقها ، فكانت البندقية التي لا تطلق الرصاص إلا على صدور العدو .
لقد شكلت انطلاقة الجبهة الشعبية نقطة هامة وتاريخية في المشوار الكفاحي للشعب الفلسطيني ، حيث أكدت على استمرارية الثورة والكفاح المسلح وشاركت بوضع ركائز العمل الوطني وحشد الجماهير نحو خوض معركة التحرير والعودة أو العودة والتحرير وتفعيل دورها وتسخير كل الإمكانيات لمواجهة العدو بشتى السبل والوسائل وفي كافة المجالات والنواحي ، وفي كافة المراحل المختلفة التي مرت بها الثورة الفلسطينية وكل ما عصف بها وما تعرضت له من اعصارات هددت وجودها إلا أنها كانت مراراً تؤكد على أنها أقوى من كل ما أصابها بفعل تفهم الحركات التي كانت كلما هبت رياح عاصفة جددت ولائها لفلسطين ومدتها بقوافل من الشهداء على مختلف انتماءاتهم الحزبية لان ولاءهم للوطن اكبر من أي انتماء حزبي في معادلة استمرت طوال العقود الماضية عجز حتى الأعداء والأصدقاء عن فهمها معادلة رفاق بالدم رفاق بالمصير ، معادلة الوفاء والإخلاص لفلسطين .
ذكرى مجيدة للجبهة الشعبية التي تتطلع في هذه الأيام أن تستقبل أمينها العام الرفيق احمد سعدات حراً من قيود المعتقلات الإسرائيلية وذلك من خلال عملية التبادل التي يجري الاتفاق عليها مقابل الجندي شاليط ، ومعه ألف أسير سوف يتم الإفراج عنهم.