الفتحاوي العنيد عضو ممتاز
. : عدد المساهمات : 35 العمر : 33 المدينه : عزون الوسام : نقاط : 10977 تاريخ التسجيل : 30/12/2009
| موضوع: فالإثم كبير عليك إن لم تدعو الله لهم أن ينصرهم على عدوهم الذي هو عدو لك السبت 27 فبراير - 10:46:29 | |
| أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم
بسم الله الرحمن الرحيم - الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم .
ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلن تجد له وليا مرشدا .
- إن الله ينظر بعين الرضا لعباده الجالسين بالمساجد ، ويحفهم بملائكته ويقول ( أشهدكم يا ملائكتي أني قد غفرت لهم ) .
- وكل خطوة يخطوها المصلي للمسجد ترفعه درجة عند ربه ويدور حوله ملك يدعو له ويقول ( اللهم اغفر له 000 اللهم ارحمه) .
ودعنا الآن نسـأل :
ما هي قيمة فلسطين وما هي وقيمة المسجد الأقصى عند المسلمين ؟
هل هذه الأرض أرضنا أم أرضهم ؟
تاريخ هذه الأرض منذ أيام آدم عليه السلام حتى اليوم.
ما هو واجبنا خاصة الشباب لانقاذ المسجد الأقصى وفلسطين ؟
إن المصيبة الحقيقية في حياتنا لا تقع عندما يصاب المرء في رزقه أو في أي مظهر من مظاهر حياته ، بل إن المصيبة الحقيقيـة هي عندما تنتهك مقدسات المسلمين .
ومصيبتنا اليوم أننــا نرى أعداء الاسلام يقتلون المسلمين ويستبيحون دماءهم بكل صلف .
لذا فانني أتساءل - ( هل كل هذه الأحداث المؤلمة التي تمر بها بلاد المسلمين أفاقـتنا للعودة لربنـا ؟؟ أم ما زالت حياتنا اليومية هي ملهاتنا ؟؟ وهل بدأ كل واحد منا يتضرع الى الله المنتقم الجبـار ، يطلب العـون منه ، أم ما زال بعيدا عن ربه ، لاه في مظاهر دنياه؟؟)
إن فلسطين لم تذكر أية مرة في القرآن الكريم إلا بذكر ( الأرض المباركة ) .
فالآية الكريمة ( سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام الى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله) ، تبين أن المسجد الأقصى ذكر بالقرآن باسمه ، لكن هذه الأرض لم تذكر إلا بذكر (الأرض المباركة) ، ولا تذكر إلا ويذكر معها الأنبياء والمرسلون .
قال موسى عليه السلام ( يا قوم ادخلوا الأرض المقدسة التي كتب الله لكم) ، سماها الأرض المقدسة .
وسيدنا سليمان ( ولسليمان الريح عاصفة تجري بأمره الى الأرض التي باركنا فيها ) ، سماها أيضا بلفظ البركة .
وسيدنا ابراهيم ( ونجيناه ولوطا الى الأرض التي باركنا فيها في العالمين )
وسيدنا محمد ( سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام الى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله )
وتجدر الملاحظة أن رب العزة عندما تكلم عن المسجد الأقصى لم يأت القول ( الذي باركنا فيــه )
بل أتى القـول ( الذي باركنا حولــه ) ، كي يشمل أرض فلسطين كلها ، وكي يبين لنا رب العزة أن البركة ليست في هذا المكان فقط ، بل البركة في كل الأرض المحيطة بهذا المكان .
والعلماء يقولون - منها تبدأ نفخة الحشر ، أي أن نفخة الحشر تبدأ من أرض فلسطين بل تبدأ من المسجد الأقصى .
يقول الله سبحانه وتعالى ( واستمع يوم ينادي المنادي من مكان قريب ) ، لكن أين هذا المكان القريب ؟؟
قال القرطبي وغيره من المفسرين أن هذا المكان القريب الذي ذكره رب العزة هو ( صخرة المعراج ) . فالمكان الذي سوف ينفخ اسـرافيل من عليه ليوم الحشر ويسمعه كل الناس ، هو هذا المكان المبارك – صخرة المعراج في المسجد الأقصى - .
إن الأرض مباركة ، والمسجد مبارك ، والمسجد باركنا حوله ، وكل نبي من الأنبياء أمره ربه أن يتحرك الى الأرض التي باركنا فيها .
إذن القصة ليست وليدة اليوم بل إن القصة هي أرض الأنبياء ، وأرض الدين ، وأرض الصلة بالله تبارك وتعالى من زمن آدم الى قيام الساعة .
أنظر كم من الأنبياء دخلوا هذه الأرض المباركة لتتعجب .
آد م زار هذه الأرض المباركة وبنى المسجد عليها ، وهو أول من بنى المسجد الأقصى .
موسى زار هذه الأرض .
ابراهيم واسحق ويعقوب ويوسف ، جميعهم خرجوا من هذه الأرض .
زكريا ويحيى وعيسى وسليمان وداود ومحمد عليهم السلام ، كلهم قدموا الى هذه الأرض ، ومنهم من زارها ورحل ، ومنهم من استقر فيها ، فممن عاشوا فيها ، ابراهيم واسحق ويعقوب ويوسف وداود وسليمان ، كلهم عاشوا في هذه الأرض المباركة .
ومنهم من ولد فيها ، ومنها بدأت حياته ، اسحق ولد هناك ويعقوب ولد هناك ويوسف ولد هناك وبعدها أتى من فلسطين الى مصر.
فتخيلوا هذه الأرض كم هي عظيمة قيمتها ، لكن المصيبة الكبرى أن الكثير من الشباب يستهينون بها ، يستهينون بموضوع فلسطين ، خاصة من هم خارج هذه الأرض ، ويلهـو الكثير من الناس بنفسه دون الاهتمام بهذه الأحداث ، وينسى أننا نعيش مصيبة تقع علـى أرض مقدسة منذ آدم ليوم قيام الساعة ، ونحن حلقة من حلقات هذا التاريخ المرتبط بهذه الأرض .
فاستمع لقول الله سبحانه عندما أقسم ( والتين والزيتون وطور سينين وهذا البلد الأمين ) . البلد الأمين هو مكة ، وطور سينين هو جبل الطور ، والتين والزيتون أسماء نباتات وفاكهة . فما علاقة أن يربط الله سبحانه قسمه هذا بهذه الأسماء ؟ اسماء أماكن يربطها بأسماء نباتات ، لماذا ؟؟ فلا بد أن اسماء هذه النباتات تشير الى اسم مكان ، فما هو المكان الذي اشتهر بالتين والزيتون ؟؟ إنه فلسطين .
والمعنى واضح أن ربنا يقسم بأقدس وأهم ثلاث أماكن لديه في الأرض . فانظر الى عظم هذه السورة ودلالاتها التي أقسم الله فيها بأرض فلسطين ثم أقسم بجبل الطور ثم أقسم بالبلد الأمين .
وعظمة الأمر أن رب العزة ابتدأ قسمه بأرض التين والزيتون أرض فلسطين التي هي مسرى النبي (صلعم) ، وأولى القبلتين ، وثالث الحرمين بعد المسجد الحرام والمسجد النبوي .
لذا ضروري أن ندرك أن هذه الأماكن الثلاثة مرتبطة سويا ارتباطا قويا ، أي أن المسجد الأقصى في فلسطين لا يقل شأنه عند الله تعالى عن المسجد الحرام في مكة وعن المسجد النبوي في المدينة المنورة . فهؤلاء الثلاثة سويا هم قصة الدين ، ديننا العظيم ، دين المسلمين .
كان الرسول محمد عليه الصلاة والسلام كلما ذكر المسجد الحرام والمسجد النبوي يذكر معهما المسجد الأقصى ، وهو صلى الله عليه وسلم الذي قال( لا تشد الرحال إلا لثلاثة مساجد، المسجد الحرام ومسجدي هذا والمسجد الأقصى)، وقال عليه السلام ( صلاة في مسجدي هذا بألف صلاة في من سواه ، وصلاة في المسجد الحرام بمائة الف صلاة في من سواه ، وصلاة في المسجد الأقصى بخمسمائة صلاة في من سواه) .
فهل ما زلتم يا معشر المسلمين تعانون مشاكلكم الخاصة الزائلة والمسلمون هناك يعانون قضية هي ركيزة دينهم الحنيف !! فليعلم كل واحد ما زال يلهو في دنياه أن أخوة له هناك يجاهدون و يستشهدون ، وبديهي أنه لو أن أخا لأي واحد منا يقتل هناك لاختلف أمره وتغير حاله.
انظروا أيها المسلمون قيمة هذه الأرض وشأنها عند رب العالمين ، واعلموا أن رسول الله عليه الصلاة والسلام عندما بدأ يصلي ، بدأ يصلي متجها الى المسجد ألأقصى وليس نحو الكعبة ، وكأنه (صلعم ) بدأ أول صلواته في المسجد الأقصى نفسه ، أي أنه (صلعم) طيلة 23سنة هي سنوات رسالته ، صلى منها ثلاثةعشر سنة في المسجد الأقصى وعشر سنوات في المسجد الحرام ، رغم أنه سبحانه وتعالى كان بالامكان أن يوحي لنبية منذ البداية أن يتجه الى المسجد الحرام ، لكن المغزى الكبير لهذا الفعل هو أنه كان يهدف تأكيد ربط هذا المسجد وأهميته في وجدان المسلمين ، ثـم بعدها انتقل بهم ليربط المسجد الحرام في وجدانهم الى يوم الدين. كان الله سبحانه يهدف تثبيت قلوب المسلمين أن هذا المسجد الأقصى هو قبلتكم الأولى ، فهل يعقل أن نتخلى عنها !!!
لو أخذوا الكعبة من المسلمين ، ماذا نحن فاعلين !! لو أخذوا منا المسجد النبوي ، ماذا نحن فاعلين !! ثلاثتهم عند الله واحد وعند المسلمين واحد وقيمتهم واحدة وشأنهم كبير.
اعلموا أن الدجال عندما سيظهر ليملأ الأرض كفرا وفسوقا ، سيقتله عيسى ابن مريم هناك في ساحة المسجد الأقصى. فافهموا وتعلقوا أيها المسلمون بهذا المكان، ولا تتبلد احساساتنا أمام هجمات الإعلام الفاسقة التي تهدف ابعادنا عن هذه المفاهيم ، فالصحابة رضوان الله عليهم كانوا متعلقين بهذا المكان وكثير منهم بعد فتح فلسطين والمسجد الأقصى ذهبوا الى الخليفة عمر بن الخطاب واستأذنوه للذهاب للعيش هناك جانب المسجد الأقصى .
فهذا أبو الدرداء عاش عمره كله، وذاك سلمان الفارسي عاش أيضا هناك وذاك بلال وعبادة بن الصامت وغيرهم كثيرون من الصحابة استقروا هناك وعاشوا في أقدس بقاع الأرض .
قال الامام الشافعي – أحب الاعتكاف في المسجد الأقصى أكثر من الاعتكاف في المسجد النبوي والمسجد الحرام –
فسألوه لماذا ، قال لهم – أحب أن أعيش وسط جميع أنبياء الله –
هـي الأرض الوحيدة التي تجمّع فيها كل أنبياء الله ودافع عنها كل أنبياء الله ، أما زال قلبك يا أخي المسلم غير متعلق بها !!
إن ما يحدث لنا هذه الأيام مثل جلدنا بالسياط كي نفوق ، فالله يريد برحمته أن يؤدب المسلمين ، وأن يوقظ الشباب النائم لتعلو همته ويرتقى لمطالب ومسئوليات دينه الحنيف ليفهم أنه ( ليس لها من دون الله كاشــــفة ) ، كي يبقى دين الاسلام ساميا في الأرض .
كل واحد منا يجب أن يكون متدينا وملتزما صادقا في تدينه والتزامه الاسلامي ، لأنه لا حل لما نحن فيه إلا بعون الله سبحانه وتعالى .
فانقلوا هذا المفهوم لكل من تعرفوه، انقلوه للبنت البعيدة عن الحجاب ، قولوا لها أن ترجع لدينها ، أنقلوه لمن يستبيح الربا ، انقلوه لمن يتكاسل عن صلاته ، ولمن لا يخرج زكاة ماله ، ولمن يبتعد عن أصول دينه ، فالاسلام بحاجة للالتزام الصادق بتعاليمه كي ينظر الله بالرضى عن المسلمين .
إن التاريخ يروي لنا أن في هذا المسجد الأقصى كان كل سنة في رمضان يعتكف أكثر من خمسين ألف مسلم ، وكان الداخل الى ساحة المسجد الأقصى يرى كل عمود من بنيانة مسجلا عليه اسم واحد من المعتكفين ، مثلا عمود أبي حامد الغزالي – عمود ابن القيّـم وغيرهما من أسماء العلماء . كان يجلس بجانب كل عمود من أعمدة المسجد علاّمة من علماء المسلمين يعلّم الناس ، أما اليوم فانه مهجور عن العلم والعلماء .
وحجاج المسلمين دأبوا حتى يوم احتلال هذا المسجد ، أن يسافروا ليزوروا المسجد الأقصى في القدس بعد الاتنهاء من حجيجهم لأن كل مسلم يدرك قول الرسول العظيم ( لا تشد الرحال الا لثلاث ) ، وهدفهم أن يكتمل ثواب حجّهم بزيارة المكان الثالث الذي أوصى به النبي الكريم .
إن هذا المكان في فلسطين هو المكان الوحيد الذى سافر له عمر بن الخطاب ليتسلم مفاتيحه بنفسه عندما فتحته جيوش المسلمين ، فعمر رضي الله عنه لم يتحرك من مكانه قط لاستلام مفتاح أي مكان . فتحت مصر ولم يذهب عمر، وفتحت العراق ولم يذهب ، فتحت الشام ولم يذهب ، لكن عندما فتح بيت المقدس هبّ بنفسه لاستلام مفاتيح بيت المقدس ، وكل هذا لنرى قيمة هذا المكان وقيمة هذه الأرض .
لذا واجب علينا أن نخرج من هنا ونحن متعلقين بأمرين :
أولهما أن كل واحد منا مرتبط بهذه الأرض المقدسة ارتباطا لا ينفك ، لأنها أرضنا نحن منها وهي لنا وليس لغيرنا ، وهي جزء من تاريخنا وتاريخ نبينا وصحابته .
والأمر الثاني أن على كل واحد منا أن يعمل شيئا مفيدا لمصلحة هذه الأرض المقدسة وأن يكون له دور في استردادها .
والهدف من مواقفنا هذه ليس فقط لما يحدث الآن لأهل هذه البقعة المباركة من قتل ومهانة ، بل لأنها أرضنا نحن أيضا وهي ملكنا وملك أنبيائنا وصحابتهم وليس ملك الفلسطينيين وحدهم .
إن الدلائل كثيرة أن هذه الأرض هي أرض الاسلام ، فسيدنا داوود وسيدنا سليمان قاما ببناء المسجد ، وهما أنبياء لقوم اليهود ، وكانوا فيها قبل أن فتحتها جيوش المسلمين ، لكننا ندرك أن هذه الأرض هي أرض المسلمين منذ الأزل قبل داود وسليمان ، فانظروا قول الله سبحانه ( إن الدين عند الله الاسلام ) ، فالأنبياء كلهم دينهم واحد هو ( الاسلام ) ، وكل نبي إنما أرسل منذ آدم ليكمل هذا الدين ، فصحيح أن كل نبي أرسل لقومه ، لكن أهم مهمات كل نبي كانت المحافظة على مقدسات المسلمين في الأرض، وكان هذا فرضا واجبا على كل نبي بعد الآخر .
لكن كيف أتت كلمة اليهود وكيف أتت كلمات غيرها ؟
كان ذلك لأن كل جماعة رحل نبيها رفضت الأخذ بكلام النبي الذي أتى بعده وتشيّعوا لنبيهم الراحل ونسبوا أنفسهم اليه وسمّوا جماعتهم باسمه ، ولو اتبعوا النبي الجديد الذي ما أرسله الله إلا ليكون نبيا لهم ، لاستمروا في انتمائهم الأزلي أنهم ( مســلمون ) ، فكل نبي أرسل إنما أرسل ليكمل رسالة من قبله ، وليؤكد رسالة من قبله، وهم جميعا يكملون ويؤكدون رسالة أبـيهم ( ابراهيم ) .
فانظر قول الله سبحانه ( ما كان ابراهيم يهوديا ولا نصرانيا ولكن كان حنيفا مسلما ) ، وابراهيم عليه السلام هو أصل اليهود وأصل النصارى في فلسطين ، وربنا يخبرنا أنه كان مسلما وليس يهوديا ولا نصرانيا بل كان ينتمي للدين الأصلى وهو الاسلام ( إن الدين عند الله الاسلام ) ، فضروري التأكيد أن كل نبي أتى كان رمزا للاسلام ومسئولا عن مقدسات الاسلام.
ثم جاءت الآية ( إن أولى الناس بابراهيم للذين اتبعوه ... وهذا النبي والذين آمنوا ) ، لذا نحن أولى الناس بابراهيم عليه السلام ، وانظر الى الآية ( ووصى بها ابراهيم بنيه ويعقوب .. إن الله اصطفى لكم الدين فلا تموتن إلا وأنتم مسلمون ) ، سيدنا يوسف قال ( توفني مسلما وألحقني بالصالحين) .
فكل نبي أتى أكد هذا المعنى ، معنى الاسلام ، وأكد أنه مسلما .
انظر قول سيدنا سليمان عن بلقيس ( وأوتينا العلم من قبلها وكنا مسلمين ) ، وسيدنا سليمان هو الذي يخبرون عنه أنه بنى الهيكل، وهو هنا يؤكد أنه من المسلمين.
وانظر لقول سيدنا يعقوب المسمى أيضا اسرائيل
(كل الطعام كان حلا لبني اسرائيل إلا ما حرّم اسرائيل على نفسه )، أي ما حرّم يعقوب على نفسه .
هؤلاء القوم سموا بلدهم باسم هذا النبي (اسرائيل ) وقالوا أنه نبيهم وحدهم ، فانظر ماذا قال نبيهم عن نفسه ( أم كنتم شهداء أن حضر يعقوب الموت .. إذ قال لبنيه .. ما تعبدون من بعدي .. قالوا نعبد الهك واله آبائك ابراهيم واسماعيل واسحق .. الها واحدا ونحن له مسلمون ) .
هنا وضح الأمر ، إذ وقتما كان آدم في الأرض كان هو المسئول عن المسجد الأقصى وفلسطين، ثم أتى نوح فكان المسؤول عنهما، ثم أتى هود فكان المسؤول عنهما ، ثم داوود ثم سليمان وموسى وعيسى كلّ كان مسؤولا عن المسجد الأقصى وفلسطين ، حتى أتى خاتم النبيين ، فمن المسئول عن المسجد ؟ ومن المسئول عن الأقصى ؟ انه محمد وأتباعه .
إن هذه الأرض ليست ملكا لأحد ، إنها أرض اللـــه سبحانه وتعالى مقدسة لله وعباده الذين يتبعون نبيه .
لقد درج سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه، كلما فتح بلدا أن يقسّم الأرض البــور، غير المزروعة ، ويوزعها على الجند كي يزرعوها ويأكلوا منها وتبقى الأرض حية. لكنه بعد أن فتح القدس لم يقسّم ولم يوزع الأرض البــور فيها .
فسألوه فأجاب ، (هل قسّم محمد أرض مكـــة بعدما دخلها ؟؟)
فأجابوا ..لا ، فقال ( إن هذه الأرض هي كمكّـة وأرضها مقدسة كأرض مكــة ) .
فيا أيها المسلمون ، ماذا كنا نفعل لو أخذ الأعداء منا مكة ؟؟
علينا أن نعلوا بهممنا لمستوى المصائب التي تتوالى علينا ، ألم يأت الوقت الذي يبتعد كل واحد منا ويعرض عن ارتكاب ما يغضب الله ؟
إن لم يتمكن الفرد المسلم من مقاومة شهواته لارتكاب ما يغضب الله ، فلن يكون قادرا على مقاومة أعداء الله ، فالصلاح الكامل هو المدعاة الحقيقية لعون الله ، ولن يعين الله عبده إن أعرض العبد عن إرضاء ربه . فاجتهدوا ، فالأمر جد صعب ويحتاج لكفاح قوي مع النفس الأمارة .
فعلى مدار الأزمان والتاريخ ، نجد أنه كلما كان المسلمون موصولين بالله وتعاليمه ، كان المسجد الأقصى بحوزتهم.
فكان المسلمون على مدار التاريخ ، كلما علوا وزاد اتصالهم بربهم ، تستمر سيادتهم على المسجد الأقصى وعلى فلسطين ، ووقتما ابتعدوا عن تعاليم ربهم ، أتى قوم جدد جبارين واغتصبوهما منهم .
وتوالت هذه القاعدة بمرور الأيام والسنين ، وكأن الله سبحانه قد جعل دليل الإيمان في الأرض ،هو حوزة فلسطين بيد المسلمين .
اخوتي - هذا ليس كلاما نظريا ، بل أدركوه . على مدار التاريخ كان كلما علا الايمان في الأرض تبقى القدس وفلسطين بيد المسلمين .
وكان كلما ضعف الايمان وانحدر ، تؤخذ فلسطين من المسلمين ، ويأخذها منهم أدنى وأحقر خلق الأرض .
وسارت هذه القاعدة بدون تحريف أو تغيير.
كتب البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل ( يا رسول الله – ما أول مسجد وضع في الأرض ؟ قال – المسجد الحرام –)
قيل ( ثم أي ؟؟) قال ( المسجد الأقصى ) .
أما سيدنا ابراهيم فهو الذي أقام قواعد المسجد الحرام . والآية الكريمة تقول ( وإذ يرفع ابراهيم القواعد من البيت) ، فالقواعد كانت موجودة ، لكن طوفان سيدنا نــوح أغرق المسجد الحرام وأغرق المسجد الأقصى وسيدنا ابراهيم رفعــــها فقط ، لكن الذي بناها أصلا هو سيدنا آدم .
ثم سئل الرسول عليه السلام ( كم بينهما ؟؟) قال عليه السلام ( أربعون سنة ) .
فأول من بنى المسجد الأقصى هو سيدنا آدم فرب العزة عندما خلق آدم قال له ( يا آدم ابن لي بيتا في الأرض) فبنى آدم المسجد الحرام .
وبعد أن اكتمل بناء المسجد الحرام وعرفه الناس في الأرض ، قال الله سبحانه وتعالى ( يا آدم ابن لي مسجدا ثانيا في الأرض ) ، فبنى أدم المسجد الأقصى .
وبقى هذا المسجد الأقصى للمسلمين الصالحين المؤمنين من ذرية آدم، حتى أتى سيدنا نوح وحصل الطوفان ، وسيدنا نوح هو المسؤول عن المسجد الأقصى حتى أتى سيدنا ابراهيم ، وأمره الله تبارك وتعالى أن يسكن منطقة فلسطين ( ونجيناه ولوطا الى الأرض التي باركنا فيها) .
وعاش سيدنا ابراهيم وكافة أولاده في تلك المنطقة فلسطين كي يحافظ الأنبياء على هذه الأرض المباركة ، فاسحق ثم يعقوب ثم يوسف كلهم عاشوا هناك .
بعدها أتى يوسف الى مصر وكلكم تعرفون قصته ، ثم حضر سيدنا يعقوب الى مصر ، وبقيت أرض فلسطين والمسجد الأقصى محروسه بالمؤمنين يحافظون عليها ، من زمن ابراهيم حتى زمن يوسف ، وبعد ذلك بدأت الأرض تتبدل ، بدأ يظهر قوم جبارون وسيطروا على المسجد الأقصى وسيطروا على فلسطين ، فبعث الله موسى ، وحقيقة الأمر ، لم يكن سيدنا موسى مرسلا لمصر وأهل مصر بل أمره وأخاه هارون أن يذهبا لفرعون ويقولا ( أن أرسل معنا بني اسرائيل ) .
فأين كان يريد موسى أن يذهب مع بني اسرائيل ؟؟ كان يريد الذهاب معهم الى فلسطين . فلمـــاذا الى هناك؟
لأنه بعد وفاة يوسف ويعقوب واسحق ، سيطر على فلسطين قوم جبارين وكانت الرسالة التي أوكلها رب العزة لسيدنا موسى أن يذهب كي يفتح الأرض المقدسة ويسترجعها مع بني اسرائيل ، وهذا تأكيد أن مهمة كل نبي كانت الحفاظ على هذه الأرض المقدسة ، لأنه لو كان مغزى رسالة سيدنا موسى هو مصر لبقي فيها لاصلاحها ، لكنه أخذ بنى اسرائيل وترك فرعون ، فموسى لم يكن يهدف فرعون ولم يكن يريده ، بل كان مغزى بعثه ومغزى رسالته تحرير الأرض المقدسة من القوم الجبارين.
فانظروا أيها المسلمون ماذا حدث لسيدنا موسى مع بني اسرائيل.
في سورة المائدة أية رقم 20 ( وإذ قال موسى لقومه يا قوم اذكروا نعمة الله عليكم إذ جعل فيكم أنبياء وجعلكم ملوكا وآتاكم ما لم يؤت أحدا من العالمين * يا قوم ادخلوا الأرض المقدسة التي كتب الله لكم ) ، وهذا دليل أن هذه الأرض كتبت للمؤمنين ولن يتمكن من دخولها إلا من كان مؤمنا .
( قالوا يا موسى إن فيها قوما جبارين ) وهؤلاء الجبارون سكنوها بعد موت يوسف ويعقوب واسحق عندما بدأ الايمان يتناقص ، فاحتلها الجبارون ومطلوب من موسى أن يحررها هو والمؤمنون الذين معه ، فإن كان من معه غير مؤمنين فلن يستطيع .
أنظر ردهم ( قالوا يا موسى إن فيها قوما جبارين وإنا لن ندخلها حتى يخرجوا منها فإن يخرجوا منها فإنا داخلون) ، ورغم أنه بين كل ذاك القوم كان هناك اثنان فقط من المؤمنين – موسى وأخوه فقط - ، لكن اثنان لم يكونا كفاية .
ورغم ذلك ( قال رجلان من الذين يخافون أنعم الله عليهما ادخلوا عليهم الباب فإذا دخلتموه فإنكم غالبون وعلى الله فتوكلوا إن كنتم مؤمنين) .
هذان الرجلان – موسى وأخوه - كانا يدركان أنعم الله ويخافان أن تسحب هذه النعم منهم . فهل أنت أيها المسلم ممن يدرك أنعم الله وتخاف أن تزول منك نعم الله التي تعيش فيها ، إن عصيته ؟؟
( قالوا يا موسى إنا لن ندخلها أبدا ما داموا فيها فاذهب أنت وربك فقاتلا إنا ههنا قاعدون )، لكن اثنان فقط لــم يرجحا كفة رغبة الدخول.
( قال رب إني لا أملك إلا نفسي وأخي فافرق بيننا وبين القوم الفاسقين).
فانظر أيها المسلم ماذا قال رب العزة بعد أن رآهم لا يصلحون لتلك المهمة المقدسة.
( قال فإنها محرمة عليهم أربعين سنة يتيهون في الأرض فلا تأس على القوم الفاسقين ) ، يتيهون في الأرض يعنى لا هـّم لهم غير المأكل والمشرب والعيال فقط وهم في غفلة عن خالقهم مشغولون بأمورهم الدنيوية فقط عن طاعة الله .
والعبرة البالغة لاختيار الله هذه المدة أربعين سنة ، إنما هو من أجل ضمان تمام تغيير الجيل ، من جيل فاسد الى جيل صالح .
فكل جيل لا يهتم الفرد فيه إلا بنفسه ولا يهتم الا بالمظاهر المارقة التي تبعده عن دين الله ، إنما هو جيل فاسد لا يصلح للمهمات المقدسة، ولا بـد أن تقع عليه عقوبة التيـه أربعين سنة، تائها في الدنيا يتـنقل بين الملذات ولا يهمه إلا جمع المال ، ونهايته الخسران الكبير ، حتى يأتي بعده جيل مؤمن يهب بقوة ايمانه ليثأر ويستعيد أرض الله التي بارك حولها .
فقوله سبحانه وتعالى ( بعثنا عليهم عبادا لنا ) يرينا أننا يجب أن نكون عبادا لله مخلصين له بكل جوانحنا وأعمالنا كي تعود القدس وتعود فلسطين ، فكلام القرآن واضح لا لبس فيه ، فقط فلنتد بّره بايمان قاطع ونعمل به مخلصين.
وبقى القوم الجبارون في الأرض المقدسة ، وبقي سيدنا موسى في التيه أربعين سنة مهمته تنشأة جيل جديد صالح لتحرير تلك الأرض المقدسة .
وظل موسى حيا حتى نشأ جيل جديد ، كانوا مؤمنين حقا وتحققت القاعدة العامة فيهم حيث صار الايمان هو الظاهر والأهم في حياتهم ، فأخذ الله بيد موسى وفتحت الأرض المقدسة – فتحت فلسطين وطرد منها الجبارون .
ذلك من أجل بقاء المعادلة الدائمة وهي – إن وجد هناك قوم مؤمنين ، تكون الأرض المقدسة لهم – وإن كان القوم يعيشون في الدنيا لانفسهم غافلين – اذن ما يستاهلوش الأرض المقدسة ، ولا تكون لهم .
أنظر أيها المسلم كيف يكون الحل ، الحل دائما هو وجود جيل مؤمن، جيل حريص على دينه وعلى مقدساته ، يعيش في دنياه كما يرضى مولاه ، وليس كما يقوده هواه . وقت أن تصبح أجيالنا على القدر المرضي من الايمان ، تحل علينا الرحمة ويأتينا التوفيق والغفران. وأرضنا المقدسة ، إما أن يسيطر عليها قوم مؤمنون أو يسيطر عليها قوم جبارون ، ولا خيار لنا في هذا ، لأن هذا هو محك الايمان في الأرض.
لقد جاء في صحيح البخاري أنه عندما حضر موسى إله الموت ، ناجي ربه ( يا رب أمتني عند أسوار هذه المدينة المقدسة ) وقال نبينا محمد عليه السلام ( ولو كنتم معي هناك لأريتكم قبر موسى ) . وابنُ حِـجْـر قد بيّـن لنا لماذا طلب موسى أن يدفن عند الاسوار وليس داخل الأسوار.
يقول ابنُ حِـجْـر ( أن موسى كان يعلم أن سكنى هذه الأرض والاستقرار فيها ليس له ولأمّته بل لأمة محمد صلى الله عليه وسلم، كي لا يطلب قوم موسى أن تكون المدينة لهم ، لأنها لقوم محمد عليه السلام) .
بعد موت موسى بفترة عاد الايمان ليتساقط ويتهاوى حتى سيطر قوم جبارون أخرون على القدس ومن حولها فلسطين مرة ثانية ، فأرسل الله نبيا أخر لهذه الأرض ، وكأنما كلما تدهور مستوى الايمان في هذه الأرض ، أرسل الله نبيا جديدا للهداية ، وكان النبي الجديد هو سيدنا ( داود ) عليه السلام .
ففي سورة البقرة آية 246 ( ألم تر الى الملأ من بني اسرائيل من بعد موسى إذ قالوا لنبي لهم ابعث لنا ملكا نقاتل في سبيل الله ) لأن أنبياء بني اسرائيل كانوا لا يقودون المعارك لذلك طلبوا من داود أن يبعث لهم ملكا ، فالنبي في عهدهم كان للوعظ فقط وكان قائد المعارك رجل آخر .
( قال هل عسيتم إن كتب عليكم القتال ألاّ تقاتلوا !!!) بمعنى مالي أراكم كأنكم خائفين .
( قالوا وما لنا ألا نقاتل في سبيل الله وقد أخرجنا من ديارنا وأبنائنا فلما كتب عليهم القتال تولوا الاّ قليلا منهم والله عليم بالظالمين ) هذا الموقف يشبه الأسلوب الذي يسير عليه شباب المسلمين هذه الأيام ، فهم يتظاهرون ويصرخون ويدعون رغبتهم للقتال ولكن بدون تنفيذ.
وهنا يظهر اليهود مرة أخرى كيف تولوا عن القتال ( فلما كتب عليهم القتال تولوا ) مثلما تخلفوا عنه سابقا مع موسى ، فلذا أنهم قد تولوا مرتين ، فقد كانوا في عهد داود مئات الآلاف،( إلا قليلا منهم ) فقد أطاعوه ،
ونذكر أن المؤمنين كانوا في عهد موسى رجلين فقط لكن في زمن داود كانوا (قليلا منهم) ، لكنهم أيضا لم يكونوا كفاية لاستمرار الجهاد.
(وقال لهم نبيهم إن الله قد بعث لكم طالوت ملكا قالوا أنى يكون له الملك علينا ونحن أحق بالملك منه ولم يؤت سعة من المال ) انظروا الى جدل اليهود ، إنهم هكذا منذ بدء الخليقة .
(قال إن الله اصطفاه عليكم وزاده بسطة في العلم والجسم والله يؤتي ملكه من يشاء والله واسع عليم ) أي أن فيه كل الصفات حتى العلمية والجسمية والله هو الذي شاء له أن يكون ملكا .
أيضا ( فلما فصل طالوت بالجنود قال إن الله مبتليكم بنهر فمن شرب منه فليس مني ومن لم يطعمه فإنه مني إلاّ من اغترف غرفة بيده فشربوا منه إلاّ قليلا منهم) ، أراد طالوت أن يمتحن ثباتهم .
إنهم عندما عصوا طالوت وشربوا من النهر الذي نهاهم عنه ، يكونوا قد تولوا مرة ثالثة . كلما نودوا لواجباتهم حاولوا أداءها لكن لم يكملوها وكانوا بدون عزيمة وبدون إرادة . فكانوا مثل الذين يجلسون أمام القنوات الفضائية في أيامنا هذه ، يتعاطفون ويتباكون أمام الأحداث المؤلمة التي تعيشها أمتنا ثم ما أن يرى الواحد قناة أخرى عليها مناظر الفساد تثور شهواته ويلتفت اليها وينسى آلام الأخرين –
فيا شباب المسلمين من لم يكن لديه عزيمة أو إرادة ، فهو لا يصلح لنصرة مقدساته . والقضية العامة الآن قضيتنا وحلها بأيدينا ، واعلموا بصدق أن كل واحد هنا لا يقاوم معصيته الخاصة هو مسؤول عما يحصل هناك . والله العظيم كل واحد ضعيف أمام شهوته اليوم سيسأل يوم القيامة عما يحدث هناك ، لأن قضيتنا لن تصل للحل السليم إلا إذا صحونا وصرنا مؤمنين حقا ، والقوانين القرآنية تخبرنا هذا بالتفصيل وبالتأكيد .
إن جنود طالوت كانوا ثلاثون ألفا ، لكن من أطاعوه ( قليلا منهم) وهم قليل من القليلين الأوائل ، كانوا فقط (313 ) كما أوردته الرواة . وكان هذا العدد نفس عدد صحابة بدر، والباقون تولوا جميعا .
( فلما جاوزه هو والذين آمنوا معه قالوا لا طاقة لنا اليوم بجالوت وجنوده ) يعنى حتى هؤلاء القلة من المؤمنين بدأوا يتراجعوا أيضا خائفين
( قال الذين يظنون أنهم ملاقوا الله كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله والله مع الصابرين *) ، فطالما توجد أيّـة فئة مؤمنة مهما كان عددها تؤمن بالله بقوة ، فالنصر لا بد آت بإذن الله .
( ولما برزوا لجالوت وجنوده قالوا ربّـنا أفرغ علينا صبرا وثبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين * فهزموهم بإذن الله ) .
فالقاعدة واضحة جلية ومحسومة ، إن آمنا حق الإيمان وأطعنا الله وقمنا بعبادته بصدق ، سيأتي النصر ، أما إن استمرينا في تصرفاتنا اليومية التي تبعدنا عن الله غير موصولين له ، فستبقى القدس بعيدة عنا مهما طال الزمن .
( فهزموهم بإذن الله وقتل داوود جالوت )
والسؤال هنا من الذي قتل جالوت ؟ داوود أم طالوت ؟ فالملك هو طالوت ، لكن اآية تنص أن داوود هو الذي قتل جالوت ، فمن هو داود ؟ إنه هو نفسه سيدنا داوود ، ففي هذه المعركة كان داوود راعي غنم بسيط مغمور عمره 18 سنه فقط ضمن جيش طالوت من المؤمنين ، وكان كلما تولى أفراد الجيش يبقى هو ثابتا صابرا صادقا بايمانه يتقدم ولا يتولى ، حتى شاء رب العزة أن يتمكن داوود من جالوت وقتله ، وكان النصر على يديه .
فلربما يأت نصرنا على يد عبد ضعيف صادق بايمانه .
وبدأت تبرز قيمة سيدنا داود العظيم الذي سبحت معه الجبال ، ففتح فلسطين ودخل القدس ، ولم يكن المسجد الأقصى قد أعيد بناؤه بعد الطوفان حتى ذلك الوقت . فأمره الله تبارك تعالى ( يا داوود.. إبن لي في هذا المكان مسجدا عظيما ، فأنت نبيي الآن في الأرض – يا داوود أعد بناء مسجدي العظيم .) وأوحى رب العزة لسيدنا داود بموقع المسجد الأقصى .
وكان موقعه مكان بيت قائم لرجل يهودي ، فطلب منه سيدنا داود شراء البيت ، وصدقه القول أن الله أمره أن يبني مكان ذلك البيت مسجدا عظيما .
رضي اليهودي البيع وطلب ثمنه ملؤ البيت غنما . فوافق داود فورا من أجل تحقيق أمر ربه .
هنا سأل اليهودي – يا نبي الله ، هل المسجد أفضل عند الله أم بيتي ؟؟ فقال داود – بل المسجد - . فتراجع اليهودي عن البيع ، لكنه عاد وطلب من سيدنا داوود أن يكون الثمن ملأ البيت إبـــلا .
وإذ وافق نبي الله على الثمن ، انسحب اليهودي مرة أخرى ، وعــاد فطلب أن يملأ له داود ذلـك الـبـيـت خيــــلا .
أدرك سيدنا داود طمع اليهودي فخاطبه – لتعلم يا رجل لو أنك طلبت ملكي كله لأعطيته لك كله - ، فرد اليهودي – والله لولا أني أدرك أني لا أستطيع ادارة ملكك هذا ، لطلبته كلـــــــــه .
فانظروا هذه النوعية من البشر يا شباب المسلمين . إننا نتكلم عن أحداث تاريخية سابقة ثابتة .
لكن سيدنا داود اشترى البيت بملئه خيلا ، ويذكر أن ممتلكات داود الخاصة كادت تنتهي .
لكن المسجد لم يكتمل في عهد سيدنا داود ، بل استكمل في عهد سيدنا سليمان .
هذا يعني أن الذي بنى المسجد الأقصى بعد سيدنا آدم ، إنما هما داود وسليمان .
فاذكروا أنه في عهود هؤلاء الانبياء كلهم منذ آدم ، سارت القاعدة بأنه كلما انحدر شأن الاسلام ضاع المسجد وأخذه قوم جبارون ، وكلما علا شأن الاسلام عاد المسجد لأصحابه المؤمنين.
بعد وفاة سيدنا سليمان بدأ الايمان يقل مرة أخرى ، لتتكرر نفس القصة ، فدخل الرومان المسجد وسيطروا على فلسطين واحتلوها سنة 64 قبل ميلا د المسيح . ويقول العلماء أن اللــه بعث زكريا وبعث ويحيى وبعث عيسى كل واحد برسالته ، مـن أجـل تحـرير المسجـد ألأقصى ، شأن كافة الأنبياء الذين قبلهم ، إنما بعثوا لتحرير المسجد الأقصى .
أما سيدنا عيسى خاصة، فكان يدعو الى الاصلاح بالحسنى وباللين وبحسن الخلق بعودتهم الى الله سبحانه وتعالى ، فقد عرفت عنه هذه الأخلاقيات اللينة والصفات الحميدة ، واستمر الانبياء ثلا ثتهم بمحاولات الإصلاح حتى تآمر الرومان مع اليهود أنفسهم ، وقتل يحيى وقتل زكريا على يد اليهود ، رغم أن تحرير الأرض كان من أجلهم ، فالرومان كانوا يدركون أن تحرير الأرض كان على يد زكريا لذا تآمروا مع بعض اليهود ، فنشروا جسم زكريا بالمناشير ، فهل أدركتم لماذا يقول القرآن عن اليهود أنهم يقتلون الأنبياء .
أما قصة سيدنا يحيى ، فقد تقدم رجل من اليهود وطلب أن يتزوج غانية منهم كانت تعيش معهم في ذلك الوقت ، فطلبت الغانية منه رأس يحيـــى مهـرا لها . وضع ذلك اليهودي شهوته في كفة ورأس سيدنا يحيـى في كفة ، وذبـــح يحيـى ، وقدّم رأسه على طبق من ذهب للغانيـــة.
أما سيدنا عيسـى فكلكم تعلمون قصة رفعه للسماء عندما حاول اليهود أن يصلبوه ، لكنهم صلبوا رجلا شبيها به .
غضب الله عليهم غضبا شديدا وعاقبهم بأن ظل المسجد الأقصى وفلسطين تحت احتلال الرومان 700 سنة ، واليهود مستعبدين مقهورين طيلة هذه السنين ، وهذا سبب هجرة اليهود للمدينة هربا من بطش الرومان - بنو قينقاع وبنو قريظة وبنو النظير - هربوا من بطش الرومان من فلسطين الى المدينة المنورة.
ظلت الأرض المقدسة مستعمرة من قبل الرومان من سنة 64 قبل الميلاد حتى عهد سيدنا عمر بن الخطاب ، ولم ترجع حتى رجع الايمـان وتعالى عند الناس .
لكن لماذا لم تتحرر الأرض المقدسة في عهد النبي عليه السلام ، السبب واضح ، وهو لكي نشعر أن هذه الأرض مسؤولة منا أيضا وليس من النبي فقط ، لذا وضع رب العزة مسئولية تحريرها علينا أيضا وليس فقط على النبي الكريم ، لكنه صلى الله عليه وسلم كان عليه أن يزور هذه الأرض لكي يؤكد الله لنا أيها المسلمون أن هذه الأرض هي أرض المسلمين وليس غيرهم ، وأن عليهم رعايتها وحمايتها وليس على غيرهم .
لذا فالسؤال ، أيهما أهم لدى رسول الله عليه السلام ، الاسراء أم المعراج ، طبيعي أن المعراج أهم ، لذا أراد رب العزه أن يكون المعراج من القدس لتثبيتها في قلوب المسلمين ، لكن اسم السورة في القرآن ( الاسراء ) فانظرأيها المسلم كيف يريد الله تثبيت هذين الحدثين معــا في قلوبنا، بعد ما تعرض النبي الكريم للأذى الشديد على يد كفار الطائف ، وأراد الله أن يســرّي عنه بهذه الرحلة ، بعدما خاطب النبي ربه قائلا ( إن لم يكن منك علي غضب فلا أبالي ) ، فكأن رب العزة يقول لنبيه ( إن كان أهل الأرض قد آذوك ، فتعال اعرف قدرك ومكانتك عندنا في السماء) ، واراد الله أن يعرج نبيه من القدس لنعرف قيمة القدس عند الله .
حتى النزول من السماء الى الأرض كان الى القدس أولا ، ثم أسري به الى مكة .
فلنصحوا أيها الأخوة ولنشعر أن هذه الأرض أرضنا وجعلها الله أرضا مباركة لنعتز بها ويعتز بها كل مؤمن وكل مسلم ، إنها ليست أرض طين فقط بل أرض جبلت ببركات الله . طينها مبارك وسماؤها مباركة وتاريخها مبارك ، ولن تخرج البركة منها بأمر الله ، فتمسكوا به وانصروها ، وخلصوها من المعتدين ، كي يبقى فيها الايمان ، وكي يعيش فيها المؤمنون ، كما أراد لها رب العزة ، كي يرضى الله عنكم فتضمنوا الدار الآخرة دار الخلد .
وقتما أسري برسول الله عليه السلام ، وصل القدس ليلا ودخل المسجد الأقصى فوجده يمتلىء بعدد هائل من أنبياء الله كلهم ، منذ ظهور البشرية من زمن آدم حتى زمن محمد صلى الله عليه وسلم ، كلهم أتوا ليستقبلوا النبي الكريم . أولم يكن بالامكان أن يستقبلوه في الحرم حول الكعبة ، لا بل أراد الله أن يجعل الاستقبال في القدس قبل العروج الى السماء ، أيضا ليأكد رب العزة المكانة المقدسة لهذه الأرض المباركة وأنها هي أرض المؤمنين مهما تقلبت الأحداث وتقلبت النفوس .
أيها المسلمون – خذوا العظة والموعظة واعلموا ان تواجد كافة الأنبياء لاستقبال رسول الله ، إنما يعني تســـليم قيادة البشــرية لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم ، وعندما استلم نبينا الراية صرنا نحن المسؤولون عن البشرية ، فلتكونوا على قدر هذه المسؤولية ، عيشوا لربكم واعلوا بهممكم .
فعندما وقف كل الأنبياء للصلاة لم يكن يعرف أحد منهم من سيكون الإمام ، آدم أم نوح أم ابراهيم أبو الأنبياء ؟؟ ، وإذ بجبريل يخاطب الرسول الكريم ( تقدم يا رسول الله وصلي بالأنبياء إماما ) ، وتقدم الرسول وصلوا خلفه ركعتين في المسجد الأقصى . فافهموا هذا المعنى ولا تتنكروا لأمر الله ، فهذه الأرض المباركة هي أرض للمسلمين في كل زمان .
وينص الحديث النبوي ( لا يُــأمّ الرجل في بيته ) ، وإذ أمر الله أن يتقدم محمد عليه السلام ليؤم الأنبياء ، فهو إذن صاحب البيت .
واعلموا أيها المسلمون أن النبي عندما وصل القدس على ظهر البراق ، ربطه عند حائط سمي بعده – حائط البراق – ، اختفى حائط البراق الآن ، واليهود الآن يسمونه حائط المبكى إمعانا في التزييف وزيادة في محاولات الكذب والسيطرة ، لإزالة كل معلم من معالم زيارة رسولنا الكريم عليه السلام و لكي ينكروا ويزيلوا من الأذهان وأمام التاريخ والأجيال أن الرسول الكريم كان هناك يوما .
اشاع الاعلام الغربي وأشاع الاعلام اليهودي أن الفلسطينيين باعوا أرضهم ، رغم أن الحقيقة أن حكومة بريطانيا هي التي وهبت الأرضي الميري(الحكومية) البور لليهود ، ودعموهم بالمساعدات وبالسلاح ، بموجب وعد بلفور ، حتى تمكنوا من الأهالي الأصليين وطردوهم وهزموا الجيوش العربية التي وصلت وقتذاك لنجدتهم بالوسائل المختلفة أهمها الخيانات والتساهلات التي سمح بها رؤساء الدول العربية في تلك الأيام .
ولنفرض جدلا أن الأرض بيعت ، فهل لو باع السعوديون مكة ، يستسلم المسلمون المؤمنون لضياع أرض مقدسة لهم ؟؟؟ لا – لا استسلام في الحقوق العقائدية المقدسة ، وإلا فإن عقاب الله شديد .
بعد حادث الاسراء والمعراج بدأ النبي الكريم ارسال جيوش لتحرير المسجد الأقصى ، إذ لم يكن سيدنا عمر هو أول من بعث الجيوش لتحرير ذلك المسجد ، النبي الكريم في عهده أرسل ثلاث أو أربعة جيوش ، سرية موتــه أرسلها النبي لتحرير المسجد ، وغزوة تبوك التي شارك بها الرسول وعمره 62 سنه كانت متجهة الى هذه الأرض ، ورغم مرضه فقد أرسل الرسول الكريم أسامة بن زيد على رأس جيش لتحرير هذه الأرض .
أما سيدنا عمـــر فقد أرسل أربعة جيوش مرة واحدة الى فلسطين ، خلافا عن العادة التي كانت متبعة زمن كافة الخلفاء الراشدين بأن لا يتحرك إلا جيش واحد فقط لجهة واحده . أرسل عمر جيشا بقيادة أبو عبيدة بن الجراح ، وجيشا بقيادة عمرو بن العاص ، وجيش بقيادة شرحبيل بن حسنه ، وجيش بقيادة خالد بن الوليد . أرسل سيدنا عمر خيرة القادة من رجالات المسلمين لأجل فتح فلسطين ، وانتصرت الجيوش ودخلوا القدس ، فقد كانوا مؤمنين حقا وكان جيل الصحابة موصولين بربنهم وهدفهم إعلاء كلمة الله ، هناك لا بد أن يأت النصر بعد سبعة قرون من احتلال الرومان . حوالي عشر سنوات فقط من التجهيز والتحضير استطاع المسلمون المؤمنون أن يقضوا على كيان الرومان في فلسطين وينهوا سبعمائة سنة من الاحتلال والإذلال . أي أن الحال الذ ي نحن به الآن ليس أصعب وليس مستحيلا إن صدقنا الايمان وصرنا موصولين بربنا بإخلاص كامل .
الجيوش الأربعة التي دخلت القدس تكبدت 15 ألف شهيد ، رغم أن إجمال عدد الشهداء في الفتوحات الاسلامية في عهد عمر كان 9 لآلاف فقط ، والسبب أن المسلمين كانوا مستميتين ليموتوا شهداء في هذه الأرض المباركة ، أرض الأنبياء ، وعدد الشهداء من الصحابة فقط كانوا خمسة آلاف صحابي ، والمرة الوحيده التي استشهد من النساء 15 امرأة ، حين كان اجمالي شهداء النساء في كافة الفتوح الاسلامية ألاخرى ، ثمانية فقط ، فقد كان فتح هذه الأراضي أمرا صعبا بكثير من الدماء الشهداء .
وقتذاك تحرك عمر بن الخطاب من المدينة متجها الى فلسطين هو وغلامه على ناقة واحدة كانا يتناوبان الركوب عليها لطول السفر . وتصادف عند وصول عمـر الى مشارف القدس أن الأرض كانت طيـنية لينة بعد مطر شديد قد هطـل وهو رضي الله عنه كان الذي يجر الناقة في تلك اللحظات ، وظهر أبو عبيدة بن الجراح وجمع ومن القساوسة واليهود لاستقباله وتسليمه مفتاح القدس ، فتقدم أبو عبيدة من عمر وطلب منه أن يمتطي الناقة ليظهر أمام الجمع بكامل العزة ، فكانت المقولة الخالدة لعمر ، المقولة الواجبة أن تكون شعارنا ودستورنا وقاعدة من قواعد هذا الدين :
قال عمر ( يا أبا عبيدة نحن قوم أعزنا الله بالاسلام ، فإن ابتغينا العزة في غير الاسلام أذلنا الله ) .
واستمر في سـيره عمــــر وعليه ملابس بالية مرقـّـعه ، حتى رآه اليهود فصاحـــوا ( هو .. هو .. هو هذا الرجل ) ،
فذهب اليهم أبو عبيدة وسألهم عمن هو فقالوا :
( الذي يتسلم مفاتيح القدس مكتوب عندنا في التوراة ... صفاته كهذا الرجل .... هامة عاليـــــة وثـوب ممـــزق )
ودخل عمر بن الخطاب القدس ودخل كنيسة القيامة ورفض أن يصلي فيها ،
وقال ( هنا صلى عمر فيهدمون الكنيسة ويقيمون مكانها مسجدا ... بل أصلي على أبوابها )
فانظروا الى هذا القدر الكبير من احترام الأديان ، انظروا الى سماحة عمر الذي وقف ونادى أن يجمعوا الجيوش المنتصرة ، قالها بفرح كبير لعودة القدس للمسلمين بعد سبعة قرون ، عودة المكان المقدس الذي صلى فيه نبينا محمد وخلفه أنبياء البشرية وسلموا له الرايــة ، صلى وراءه سليمان وداود الذي يقولون أنه نبيهم وحدهم ، ولم يذهب دم زكريا ولم يذهب دم يحـيى هد را وكأن عمر يقول لسائر الأنبياء ، (يا عيسى يا موسى يا داود ، نحن نسير على خطاكم )
ونادى عمر أن يبحثوا عن مكان مرتفع ليروا جميعهم بعضهم بعضا ليحس كل واحد بالعزة التي وصلوا اليها ، فهل تعرفون أين كان ذاك المكان ؟؟؟؟ كان هضبة الجولان .
وقف عمـــر ونادى ( أين بـــلال ) ، وطلب منه عمر أن يرفــع الأذان في ذاك المكان ، لكن بلال رفض قائلا أنه وعد أن لا يؤذن بعد رسول الله ، لكن عمر قال له ( يا بلال هذا يوم يسعد رسول الله ... أذ ّن يا بلال ليفرح بنا رسول الله ) ، هنا رفع بلا ل الأذان حتى وصل ( أشهد أن محمدا رسول الله ) فانهارت الجيوش تبكي حتى سمع الجمع نحيب عمر بن الخطاب حبا بهذا المكان وتعلقا بهذا المكان.
وبقي المسجد سنينا طويلة عزيزا مكرما ، حتى تكررت نفس القصة وبعد المؤمنون عن ربهم ، هنا لا بد أن تتكرر نفس الأحداث ، إن ابتعد المؤمنون عن ربهم .... فلسوف تؤخذ منهم القدس ، فسقطت القدس بأيدي الصليبيين ثمانين سنة ، من سنة 492 هجرية لسنة 583 هجرية حين ظهر صلاح الدين ، وللعلم فإن صلاح الدين لم يكن وحده رجلا مؤمنا ، بل كان واحدا من جيل كله قلوبهم متعلقة بالإيمان . استطاع هذا الرجل خلال سنين طويلة أن يربى الناس لتقوية صلتهم الصادقة بالله سبحانه وتعالى ، فأبو حامد الغزالي صاحب كتاب – إحياء علوم الدين – كان من رجال ذلك العصر، ودأب صلاح الدين تعليم الناس الاستقامة وحسن الخلق ، واستطاع تحويل الجمهور من الشيعة للسنة ، فمصر كانت شيعة قبل صلاح الدين ، فكان له درس أسبوعي كل يوم اثنين ، ورفع قيمة الأزهر ، فالأزهر عندما يعلو يعز الأرض كلها ، ومن أكثر الأمور التي ركز عليها صلاح أخلاقيات النساء ، فشجعهم على تنظيم دروس لتحفيظ القرآن ، الناس كلهم كانوا يسارعون للتقرب من ربهم .
أمضى صلاح الدين شبابه في بلاده بعيدا عن التدين كسائر الكثيرين ، وكان همه اللعب بالخيل ، حتى أتى مصر وتغير حاله وبدأ يعيش للاسلام ، ويقول العلماء أن صلاح الدين ( أفنـا ذاتـه في سـبيل الـله ) .
في احدى حلقاته روى صلاح الدين الحديث المشهور وقت ركوب الدابة( سبحان من سخـّـر لنا هذا وما كنا له مقرنين ) ولم يبتسم صلاح الدين كما أعتاد أن يفعل كل من روى هذا الحديث تأسيا بابتسامة رسول الله عندما كان يرويه ، حتى صار عدم الابتسام في نظر السالفين يجعل الحديث ناقصـــا . فانتقده استاذه ( نور الدين محمود ) الذي صادف وجوده بين الحضور، وبادر نور الدين القول ( يا صلاح الدين أكمل الحديث ) ،
هنا رد صلاح الدين بقوله المشهور ( كيف أبتسم والمسجد الأقصى أسـير ؟؟ إني أستحي من الله أن يراني مبتسما واخواني هناك محاصرون ) .
استمر صلاح الدين في رسالته حتى حرر المسجد الأقصى من الصليـبـييـن وعمره 57 سنه ،
ووقت احتضاره ابتسم وقال ( الآن يبتسم صلاح الدين - أموت والمسجد الأقصى ليسا أســـيرا ) . ومات هذا القائد العظيم وهو لا يملك غير 36 درهما رغم أن ذريته كانت 17 ولدا وبنتا ، وكانت آخر كلماته ( لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم * حريص عليكم * بالمؤمنين رؤوف رحيم * فإن تولّـوا فقل حسبي الله لا إله إلا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم ) .
كان صلاح الدين كلما مر بخيمة قام من فيها يصلون ، فيقول : ( من هنا يأتي النصر ) .
وإن مـرّ بخيمة نام من فيها أو كانوا يلعبون يتمازحون ، يقول : ( من هنا تأتي الهزيمة ) .
استمر الأمر هكذا حتى القرن العشرين ودخل الجيش البريطاني ، فقال القائد البريطاني ( اليوم انتهت الحروب الصليبية) ،
وزار القائد الفرنسي قبر صلاح الدين وركله بقدمه وقال ( ها قد عدنا يا صلاح الدين ) .
ثم دخل اليهود لبلادنا وعندما دخلوا القدس كانوا يطربون بغناء اغنية موجعة تقول ( محمـد مـات خلـّـف بنات ) ، وهذا القول ليس سبابا للسيدات بل سبابا موجعا للرجال .
صحيح إن المظاهرات والهتافات الساخنة التي لا نعبر عن مشاعرنا إلا بها ، هذه الهتافات هي تعبير صادق عن ما يحترق في قلوبنا ، لكنها حماس مؤقت ينتهي بوقته ، والأدهى أنها أحيانا تتحول الى أعمال تخريبية خسارة لبلاد المسلمين .
في سنة 1968 عندما حرق اليهود المسجد الأقصى ، احترق منبر صلاح الدين وتحطم المسجد شبه كليا ، حتى أنهم قطعوا المياه عن مدينة القدس كي لا يطفىء الأهالي النار ، وخرجت المظاهرات في كل البلاد العربية وبعض دول العالم ، وانتهى الموضوع ولربما بعض من يجلس هنا يسمع هذا الموضوع الآن لأول مرة . واليهود حفروا تحت المسجد أنفاق كي يقع لو تعرض لأي حادث أو حتى هزة أرضية ، ليظهروا بريئين لو تهاوى المسجد الأقصى لا سمح ، ويقولوا لقد وقع لوحده ، فما هو الحل ؟؟؟
الحل بأيديكم أيها الشباب ، في العودة الكاملة لله وضبط النفس ومجاهدة النفس في الابتعاد عن المعاصى ، أي بناء جيل مؤمن صادق الايمان ، حتى ولو احتاج هذا الأمر زمنا طويلا ، فرب العالمين ترك اليهود أربعين سنة في التيه حتى نشأ عندهم جيل جديد مؤمن استعاد القدس من الجبارين .
لذلك جاهد نفسك يا أخي كي تعود للايمان الصادق ، صلى الفجر حاضرا في المسجد ، وانظر كيف تكون احساساتك عندما تذهب لعملك أو جامعتك ، إعمل باخلاص ، أدرس باخلاص ، قـّدم النصيحة الخالصة لوجه الله . تصبح قدوة وتعم خصالك الطيبة المجتمع . قضيتنا لن تحل إلا اذا بدأ كل واحد بنفسه واعتبر صلاح نفسه هي أساس صلاح المجتمع ، واعتبر أن زيادة إيمانه جزء من الحل ، ( ليس لها من دون الله كاشفة ) ، فحتى هذا الوقت لا يستطيع أحد أن يحل قضيتنا إلا الله ، ولن ينظر الله الينا ويرأف بنا إلا إذا أخلصنا له العبادة ، فالحـل يا أخي المسلم معك ومع زميلك ومعي ومع كل فرد ، رجل أو امرأة ، في هذا المجتمع، فليعتصم كل واحد منا بحبل الله ويعتبر نفسه شخصيا مساهما في الحل ، وربما يطول الوقت ، لكن لا يوجد غير هذا الحل ،
فصلاح الدين لم يحررها بأسبوع أو اسبوعين ،
النبي الكريم رغم كل المحاولات مات ولم تكن القدس قد تحررت ، ولم يكن يعتبر ذلك هزيمه ، وتحررت بعد وفاته بحوالي عشر سنين ، في عهد عمر .
وسيدنا موسى طرده الله منها أربعين سنه لأن قومه لم يكونوا على درجة الاخلاص والايمان الكافيتين ،
لذا فالقضية بأيدينا ، في الدعوة لله ، ومجاهدة النفس واصلاحها ، كي تعلو الهمم وتعلو النفوس ويرتفع شأن الدين ، بدل أن ننسا الدين وننجرف للمظاهر الدخيلة الفاجرة ، ونعود موصولين لربنا بصدق وإخلاص.
لن يستطيعوا مقاومتنا لو وجد أعداء الإسلام أن أمامهم قوة ايمانية هائلة ، وسيرهبوننا بايماننا ، وسيساعدنا الله لايجاد الحل الذي يرضاه الله في الأرض .
عليك يا أخي فورا أن تروي ما سمعته هنا اليوم عن قضية الأرض المباركة ، عن القدس وفلسطين ، أن ترويه لاصحابك والمقربين اليك ليعرفوا الواجب الذي عليهم اتباعه ، ليعدل كل واحد أسلوب حياته ، ويضع هدفا معنويا عظيما لكل حركة من حياته اليومية ، فيبقى الأمر حيا في نفوس المسلمين خاصة الشباب الناشىء ، فهدف أعداء الاسلام طمس المفاهيم الاسلامية من النفوس ، ولنجعل طاقات الغضب التي في نفوسنا ، الى شحنة قوية صادقة لهداية الناس .
ولنبذل من أموالنا قدر ما نستطيع يا إخوان ، فلنرسل تبرعاتنا اليهم ليثبوا ويشعروا أن المسلمين خلفهم حريصين على استمرار بقائهم ، فهناك جهات شرعية تعمل من أجل هذا الغرض النبي .
رأيت سيدات يتبرعن بذهبن من أيديهن ، ورأيت رجالا يخرجوا ما في جيوبهم دونما يعلموا كم هو ذاك ، ورأيت رجلا على كرسي متحرك قال أنه لا يملك شيئا سوى كرسيه الذي يسير به وطلب أن يرسلوه لمعوق في فلسطين ، ويكفيه أن ينام على سريره.
لا يكفي أن نبكي على ما نراه في القنوات الفضائية بل على كل واحد أن يعمل بالكفية التي يستطيعها وبالقدر الذي يستطيعه، ولنتبرع بمائنا لنعوض الدم الذي نراه ينزف في القنوات الفضائية .
سيدنا أبو بكر تبرع بكل ماله ثلاث مرات لدعم نشر الاسلام ونصرة المسلمين .
ولا تبخل أن ترسل لوسائل الاعلام برأيك في كل ما يجرى ، كي تحس بصدق مشاركتك وتقترب للكفاح في نصرة هذه القضية .
ولا تشترى سلعة تشعر أن قيمتها ستذهب لقتل أخيك المسلم .
سئلت جولدا مائير رئيسة وزراء اسرائيل السابقة عن الحديث الشريف الذي يقول ( لا تقوم الساعة حتى يقاتل المسلمون اليهود ، فيختبىء اليهودي وراء الحجر والشجر ، فيقول الحجر والشجر ، يا مسلم يا عبد الله ، هذا يهودي ورائي تعال فاقتله ) ، فأقرت جولدا مائير بصحة الحديث ، وأن عندهم في التوراة دلائل على ذلك ، وعقـّبت ( إنهم ليسوا هؤلاء المسلمين ، إنهم المسلمون الذين يكون عددهم في صلاة الفجر بالمسجد هو نفس عددهم في صلاة الجمعة) .
فلنتجه الى العبادة الحقة ، ولنؤدي واجبنا كاملا للـــه سبحانه ، ولنترك الشهوات والمعاصي . صعب أن تكون أختك المسلمة تموت وأنت تلهث خلف المعاصي ، فإن كانت هيبة الله لا تملأ عينك ، فليملأ عينيك د م إخوانك المسلمين .
والحل الاستراتيجي الهام طويل المدى يا إخواني ، بجانب العودة الصادقة للايمان ، هو الدعاء الى الله لنصرة ديننا العظيم .
فالإثم كبير عليك إن لم تدعو الله لهم أن ينصرهم على عدوهم الذي هو عدو لك .
ولن أنسى منظر الرجل الفلسطيني الذي تعلق بالكعبة وهو يصرخ وينادي ربه – اللهم إني أشكو إليك المسلمين ، نسونا حتى في دعائهم – فادعوا لهم إن الله يجيب الدعاء -- آمـــــــين
|
|
| |
|
ابو وديع
مراقب عام
عدد المساهمات : 7289 العمر : 36 المدينه : عزون - قلقيليه الوسام : نقاط : 14936 تاريخ التسجيل : 08/06/2008
| موضوع: رد: فالإثم كبير عليك إن لم تدعو الله لهم أن ينصرهم على عدوهم الذي هو عدو لك الخميس 4 مارس - 23:09:39 | |
| | |
|